للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَحُبُكِ الْمَاءِ إِذَا ضَرَبَتْهُ الرِّيحُ، وَحُبُكِ الرَّمْلِ وَالشَّعْرِ الْجَعْدِ، وَلَكِنَّهَا لَا تُرَى لِبُعْدِهَا مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ جَمْعُ حِبَاكٍ وَحَبِيكَةٍ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ قَوْلُهُ:

{إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (١١) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) }

{إِنَّكُمْ} أَيْ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، {لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} فِي الْقُرْآنِ وَفِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُونَ فِي الْقُرْآنِ: سِحْرٌ وَكِهَانَةٌ وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَفِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَاحِرٌ وَشَاعِرٌ وَمَجْنُونٌ. وَقِيلَ: "لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ" أَيْ: مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ.

{يُؤْفَكَ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يُصْرَفُ عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ مِنْ صُرِفَ حَتَّى يُكَذِّبَهُ، يَعْنِي: مَنْ حَرَمَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْقُرْآنِ. وَقِيلَ "عَنْ" بِمَعْنَى: مِنْ أَجْلِ، أَيْ يُصْرَفُ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْقَوْلِ الْمُخْتَلِفِ أَوْ بِسَبَبِهِ عَنِ الْإِيمَانِ مَنْ صَرَفَ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَلَقَّوْنَ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ الْإِيمَانَ فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ، فَيَصْرِفُونَهُ عَنِ الْإِيمَانِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ.

{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} لُعِنَ الْكَذَّابُونَ، يُقَالُ: تَخَرَّصَ عَلَى فُلَانٍ الْبَاطِلَ، وَهُمُ الْمُقْتَسِمُونَ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا عِقَابَ مَكَّةَ، وَاقْتَسَمُوا الْقَوْلَ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْرِفُوا النَّاسَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْكَهَنَةُ.

{الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ} غَفْلَةٍ وَعَمًى وَجَهَالَةٍ، {سَاهُونَ} لَاهُونَ غَافِلُونَ عَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَالسَّهْوُ: الْغَفْلَةُ عَنِ الشَّيْءِ، وَهُوَ ذَهَابُ الْقَلْبِ عَنْهُ.

{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ مَتَى يَوْمُ الْجَزَاءِ، يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَكْذِيبًا وَاسْتِهْزَاءً.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ هُمْ} أَيْ يَكُونُ هَذَا الْجَزَاءُ فِي يَوْمٍ هُمْ، {عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} أَيْ: يُعَذَّبُونَ وَيُحْرَقُونَ بِهَا كَمَا يُفْتَنُ الذَّهَبُ بِالنَّارِ. وَقِيلَ: "عَلَى" بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِالنَّارِ، وَتَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ النَّارِ: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} .

{ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} عَذَابَكُمْ، {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} فِي الدُّنْيَا تَكْذِيبًا بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>