للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُ عَذَابَ اللَّهِ، فَرَجَعَ الْوَلِيدُ إِلَى الشِّرْكِ وَأَعْطَى الَّذِي عَيَّرَهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَ وَمَنْعَهُ تَمَامَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (١) "أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى" أَدْبَرَ عَنِ الْإِيمَانِ.

{وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) }

{وَأَعْطَى} صَاحِبَهُ {قَلِيلًا وَأَكْدَى} بَخِلَ بِالْبَاقِي.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: "أَعْطَى" يَعْنِي الْوَلِيدَ "قَلِيلًا" مِنَ الْخَيْرِ بِلِسَانِهِ، ثُمَّ "أَكْدَى": يَعْنِي قَطَعَهُ وَأَمْسَكَ وَلَمْ يَقُمْ عَلَى الْعَطِيَّةِ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يُوَافِقُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ (٢) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بن كعب ١٤٤/ب الْقُرَظِيُّ نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَأْمُرُنَا مُحَمَّدٌ إِلَّا بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ (٣) ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: "وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى" أَيْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ، وَمَعْنَى "أَكْدَى": يَعْنِي قَطَعَ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْكُدْيَةِ، وَهِيَ حَجَرٌ يَظْهَرُ فِي الْبِئْرِ يَمْنَعُ مِنَ الْحَفْرِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَكْدَى الْحَافِرَ وَأَجْبَلَ، إِذَا بَلَغَ فِي الْحَفْرِ الْكُدْيَةَ وَالْجَبَلَ.

{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} مَا غَابَ عَنْهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ عَذَابَهُ.

{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} لَمْ يُخْبَرْ {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} يَعْنِي: أَسْفَارَ التَّوْرَاةِ.

{وَإِبْرَاهِيمَ} فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {الَّذِي وَفَّى} تَمَّمَ وَأَكْمَلَ مَا أُمِرَ بِهِ.

قَالَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وقَتَادَةُ: عَمِلَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ إِلَى خَلْقِهِ (٤)

قَالَ مُجَاهِدٌ: وَفَّى بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ (٥) .


(١) ذكره الطبري: ٢٧ / ٧٠، الواحدي في أسباب النزول صفحة: (٤٦١) ، القرطبي: ١٧ / ١١١.
(٢) ذكره صاحب البحر المحيط: ٨ / ١٦٦، القرطبي: ١٧ / ١١١-١١٢، زاد المسير: ٨ / ٧٨.
(٣) في المواضع السابقة.
(٤) ذكره الطبري: ٢٧ / ٧٢. وانظر: ابن كثير:٤ / ٢٥٨، البحر المحيط: ٨ / ١٦٧، القرطبي: ١٧ / ١١٣.
(٥) أخرجه الطبري: ٢٧ / ٧٣. وانظر: الدر المنثور: ٧ / ٦٦٠، زاد المسير: ٨ / ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>