للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) }

{وَثَمُودَ} قَوْمُ صَالِحٍ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْحَةِ {فَمَا أَبْقَى} مِنْهُمْ أَحَدًا.

{وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: أَهْلَكَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلِ عَادٍ وَثَمُودَ {إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} لِطُولِ دَعْوَةِ نُوحٍ إِيَّاهُمْ وَعُتُوِّهُمْ عَلَى اللَّهِ بِالْمَعْصِيَةِ وَالتَّكْذِيبِ.

{وَالْمُؤْتَفِكَةَ} قُرَى قَوْمِ لُوطٍ {أَهْوَى} أَسْقَطَ أَيْ: أَهْوَاهَا جِبْرِيلُ بَعْدَمَا رَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ.

{فَغَشَّاهَا} أَلْبَسَهَا اللَّهُ {مَا غَشَّى} يَعْنِي: الْحِجَارَةَ الْمَنْضُودَةَ الْمُسَوَّمَةَ.

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ} نِعَمِ رَبِّكَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةَ {تَتَمَارَى} تَشُكُّ وَتُجَادِلُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكْذِبُ.

{هَذَا نَذِيرٌ} يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} أَيْ: رَسُولٌ مِنَ الرُّسُلِ إِلَيْكُمْ كَمَا أُرْسِلُوا إِلَى أَقْوَامِهِمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ: أَنْذَرَ مُحَمَّدٌ كَمَا أَنْذَرَ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ.

{أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} دَنَتِ الْقِيَامَةُ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ.

{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} أَيْ: مُظْهِرَةٌ مُقِيمَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ"، (الْأَعْرَافِ-١٨٧) وَالْهَاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ: نَفْسٌ كَاشِفَةٌ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَاشِفَةُ مَصْدَرًا كَالْخَافِيَةِ وَالْعَافِيَةِ، وَالْمَعْنَى: لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفٌ أَيْ: لَا يَكْشِفُ عَنْهَا وَلَا يُظْهِرُهَا غَيْرُهُ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَيْسَ لَهَا رَادٌّ يَعْنِي: إِذَا غَشِيَتِ الْخَلْقَ أَهْوَالُهَا وَشَدَائِدُهَا لَمْ يَكْشِفْهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا عَنْهُمْ أَحَدٌ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ.

{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ} يَعْنِي الْقُرْآنَ {تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ} يَعْنِي: اسْتِهْزَاءً {وَلَا تَبْكُونَ} مِمَّا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>