للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) }

{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَنْقَطِعُ إِذَا جُنِيَتْ، وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ أَحَدٍ أَرَادَ أَخْذَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا مَقْطُوعَةٍ بِالْأَزْمَانِ وَلَا مَمْنُوعَةٍ بِالْأَثْمَانِ، كَمَا يَنْقَطِعُ أَكْثَرُ ثِمَارِ الدُّنْيَا إِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ، وَلَا يُتَوَصَّلُ إِلَيْهَا إِلَّا بِالثَّمَنِ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يَعْنِي لَا يُحْظَرُ عَلَيْهَا كَمَا يُحْظَرُ عَلَى بَسَاتِينِ الدُّنْيَا.

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "مَا قُطِعَتْ ثَمَرَةٌ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ مَكَانَهَا ضِعْفَيْنِ" (١) . {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قَالَ عَلِيٌّ: "وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ" عَلَى الْأَسِرَّةِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَهِيَ مَرْفُوعَةٌ عَالِيَةٌ.

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي ابْنُ فَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَيْشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ" قَالَ: "إِنَّ ارْتِفَاعَهَا لَكَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لِمَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ" (٢)

وَقِيلَ أَرَادَ بِالْفُرُشِ النِّسَاءَ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمَرْأَةَ فِرَاشًا وَلِبَاسًا عَلَى الِاسْتِعَارَةِ "مَرْفُوعَةٍ" رُفِعْنَ بِالْجَمَالِ وَالْفَضْلِ عَلَى نِسَاءِ الدُّنْيَا دَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ فِي عَقِبِهِ: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} خَلَقْنَاهُنَّ خَلْقًا جَدِيدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْآدَمِيَّاتِ الْعُجْزَ الشُّمْطَ، يَقُولُ خَلَقْنَاهُنَّ بَعْدَ الْهَرَمِ خَلْقًا آخَرَ. {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} عَذَارَى.


(١) انظر: مجمع الزوائد: ١٠ / ٤١٤.
(٢) أخرجه الترمذي في صفة الجنة، باب ما جاء في صفة ثياب أهل الجنة: ٧ / ٢٤٧ وقال: "هذا حديث غريب، لا تعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد، وقال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث: معناه أن الفرش في الدرجات، وبين الدرجات كما بين السماء والأرض"، والإمام أحمد في المسند: ٣ / ٧٥، والطبري: ٢٧ / ١٨٥، وعزاه المنذري في الترغيب والترهييب: ٤ / ٥٣٠ لابن أبي الدنيا والترمذي ونقل عن الحافظ قال: "رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهما من حديث ابن وهب أيضا عن عمرو بن الحارث عن دراج". وضعفه الألباني في تعليقه على المشكاة: ٣ / ١٥٦٧، وانظر: تفسير ابن كثير: ٤ / ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>