للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَلْبَكَ وَنِيَّتَكَ فَطَهِّرْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْقُرَظِيُّ: وَخُلُقَكَ فَحَسِّنْ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ زَيْدٍ: أَمَرَ بِتَطْهِيرِ الثِّيَابِ مِنَ النَّجَاسَاتِ الَّتِي لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ [كَانُوا] (١) لَا يَتَطَهَّرُونَ وَلَا يُطَهِّرُونَ ثِيَابَهُمْ (٢) .

وَقَالَ طَاوُوسٌ: وَثِيَابَكَ فَقَصِّرْ لِأَنَّ تَقْصِيرَ الثِّيَابِ طُهْرَةٌ لَهَا.

{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) }

{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَفْصٌ [عَنْ عَاصِمٍ] (٣) وَيَعْقُوبَ: "وَالرُّجْزَ" بِضَمِّ الرَّاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ زَيْدٍ وَأَبُو سَلَمَةَ: الْمُرَادُ بِالرِّجْزِ الْأَوْثَانُ، قَالَ: فَاهْجُرْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا.

وَقِيلَ: الزَّايُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ السِّينِ وَالْعَرَبُ تُعَاقِبُ بَيْنَ السِّينِ وَالزَّايِ لِقُرْبِ مُخْرِجِهِمَا وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ: "فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ" (الْحَجِّ-٣٠) .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَعْنَاهُ: اتْرُكِ الْمَآثِمَ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ: "الرُّجْزَ" بِضَمِّ الرَّاءِ: الصَّنَمُ، وَبِالْكَسْرِ: النَّجَاسَةُ وَالْمَعْصِيَةُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الشِّرْكَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْعَذَابَ.

وَمَجَازُ الْآيَةِ: اهْجُرْ مَا أَوْجَبَ لَكَ الْعَذَابَ مِنَ الْأَعْمَالِ. {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أَيْ: لَا تُعْطِ مَالَكَ مُصَانَعَةً لِتُعْطَى أَكْثَرَ مِنْهُ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ قَالَ الضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ: كَانَ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً. قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمَا رِبَاءَانِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ، فَأَمَّا الْحَلَالُ فَالْهَدَايَا وَأَمَّا الْحَرَامُ فَالرِّبَا. قَالَ قَتَادَةُ: لَا تُعْطِ شَيْئًا طَمَعًا لِمُجَازَاةِ الدُّنْيَا يَعْنِي أَعْطِ لِرَبِّكَ وَأَرِدْ بِهِ اللَّهَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ لَا تَمْنُنْ عَلَى اللَّهِ بِعَمَلِكَ فَتَسْتَكْثِرُهُ، قَالَ الرَّبِيعُ: لَا تُكَثِّرَنَّ عَمَلَكَ فِي عَيْنِكَ فَإِنَّهُ فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَعْطَاكَ قَلِيلٌ. وَرَوَى خُصَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَلَا تَضْعُفْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنَ الْخَيْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: حَبْلٌ مَتِينٌ إِذَا كَانَ ضَعِيفًا دَلِيلُهُ: قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: "وَلَا تَمْنُنْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ" قَالَ [ابْنُ] (٤) زِيدٍ مَعْنَاهُ: لَا تَمْنُنْ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى النَّاسِ فَتَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا


(١) زيادة من "ب".
(٢) قال ابن جرير: ٢٩ / ١٤٧ بعد أن ذكر هذا القول وأقوالا أخر: "وهذا القول الذي قاله ابن سيرين وابن زيد في ذلك أظهر معانيه".
(٣) ساقط من "أ".
(٤) ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>