للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُمْ يَا فُلَانُ قَالَ فَيَقُولُ: مَا تُرِيدُ فَيَقُولُ: أَمَا تَذْكُرُ رَجُلًا سَقَاكَ شَرْبَةً يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ فَيَقُولُ: وَإِنَّكَ لَأَنْتَ هُوَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَشْفَعُ لَهُ فَيُشَفَّعَ فِيهِ. قَالَ: ثُمَّ يَمُرُّ بِهِمُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ، فَيَقُولُ: مَا تُرِيدُ؟ فَيَقُولُ: أَمَا تَذْكُرُ رَجُلًا وَهَبَ لَكَ وَضُوءًا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَأَنْتَ هُوَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيَشْفَعُ لَهُ فَيُشَفَّعَ فِيهِ" (١) .

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢) }

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} مَوَاعِظِ الْقُرْآنِ {مُعْرِضِينَ} نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ صَارُوا مُعْرِضِينَ. {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ} جَمْعُ حِمَارٍ {مُسْتَنْفِرَةٌ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، فَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا مُنَفَّرَةٌ مَذْعُورَةٌ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهَا نَافِرَةٌ، يُقَالُ: نَفَرَ وَاسْتَنْفَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَمَا يُقَالُ عَجِبَ وَاسْتَعْجَبَ. {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: "الْقَسْوَرَةُ": الرُّمَاةُ، لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَهِيَ رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمُ الْقُنَّاصُ وَهِيَ رِوَايَةُ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: [هُمْ] (٢) رِجَالٌ أَقْوِيَاءُ، وَكُلُّ ضَخْمٍ شَدِيدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ: قَسْوَرٌ وَقَسْوَرَةٌ. وَعَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ قَالَ: هِيَ لَغَطُ الْقَوْمِ وَأَصْوَاتُهُمْ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ حِبَالُ الصَّيَّادِينَ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هِيَ الْأَسَدُ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْكَلْبِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُمُرَ الْوَحْشِيَّةَ إِذَا عَايَنَتِ الْأَسَدَ هَرَبَتْ، كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا سَمِعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ هَرَبُوا مِنْهُ.

قَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَيُقَالُ لِسَوَادِ أَوَّلِ اللَّيْلِ قَسْوَرَةٌ. {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا


(١) أخرجه ابن ماجه في الأدب، باب فضل صدقة الماء برقم: (٣٦٨٥) : ٢ / ١٢١٥. قال في الزوائد: فيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف. وعزاه المنذري في الترغيب والترهيب: ٢ / ٧٠ أيضا للأصبهاني. وانظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني برقم: (٩٣) .
(٢) في "ب" من.

<<  <  ج: ص:  >  >>