للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَرْتَفِقُ بِهَا [بِالْقَبْضِ] (١) وَالْبَسْطِ وَالْأَعْمَالِ اللَّطِيفَةِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ: مَعْنَاهُ: ظَنَّ الْكَافِرُ أَنَا لَا نَقْدِرُ عَلَى جَمْعِ عِظَامِهِ، بَلَى نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُعِيدَ السُّلَامَيَاتِ عَلَى صِغَرِهَا، فَنُؤَلِّفُ بَيْنَهَا حَتَّى نُسَوِّيَ الْبَنَانَ، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى جَمْعِ صِغَارِ الْعِظَامِ فَهُوَ عَلَى جَمْعِ كِبَارِهَا أَقْدَرُ (٢)

{بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيْانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) }

{بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} يَقُولُ لَا يَجْهَلُ ابْنُ آدَمَ أَنَّ رَبَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَمْعِ عِظَامِهِ لَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَفْجُرَ أَمَامَهُ، أَيْ: يَمْضِي قُدُمًا [عَلَى] (٣) مَعَاصِي اللَّهِ مَا عَاشَ رَاكِبًا رَأْسَهُ لَا يَنْزِعُ عَنْهَا وَلَا يَتُوبُ، هَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَالسُّدِّيِّ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ" يُقْدِمُ عَلَى الذَّنْبِ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ، فَيَقُولُ: سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى شَرِّ أَحْوَالِهِ وَأَسْوَأِ أَعْمَالِهِ (٤) .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الْأَمَلُ، يَقُولُ: أَعِيشُ فَأُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا كَذَا وَكَذَا [وَلَا يَذْكُرُ الْمَوْتَ] (٥) .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ زَيْدٍ: يُكَذِّبُ بِمَا أَمَامَهُ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ. وَأَصْلُ "الْفُجُورِ" الْمَيْلُ، وَسُمِّي الْفَاسِقُ وَالْكَافِرُ: فَاجِرًا، لِمَيْلِهِ عَنِ الْحَقِّ. {يَسْأَلُ أَيْانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} أَيْ مَتَى يَكُونُ [ذَلِكَ] (٦) تَكْذِيبًا بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ "بَرَقَ" بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ.

قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: شَخَصَ الْبَصَرُ فَلَا يَطْرِفُ مِمَّا يَرَى مِنَ الْعَجَائِبِ الَّتِي كَانَ يُكَذِّبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا. قِيلَ: ذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: عِنْدَ رُؤْيَةِ جَهَنَّمَ بَرِقَ أَبْصَارُ الْكُفَّارِ.


(١) في "ب" في القبض.
(٢) انظر: القرطين: ٢ / ١٩٣.
(٣) في "ب" في.
(٤) انظر: معاني القرآن للفراء: ٣ / ٢٠٨.
(٥) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٦) زيادة من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>