للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقَالُ: كَفَتَ الشَّيْءَ: إِذَا ضمه وجمعه ١٨٢/ب وَقَالَ الفَرَّاءُ: يُرِيدُ تَكْفِتُهُمْ أَحْيَاءً عَلَى ظَهْرِهَا فِي دُورِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، وَتَكْفِتُهُمْ أَمْوَاتًا فِي بَطْنِهَا، أَيْ: تَحُوزُهُمْ (١) .

{أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨) انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) }

وَهُوَ قَوْلُهُ {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} جِبَالًا {شَامِخَاتٍ} عَالِيَاتٍ، {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} عَذْبًا. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} قَالَ مُقَاتِلٌ: وَهَذَا كُلُّهُ أَعْجَبُ مِنَ الْبَعْثِ،. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}

{انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} فِي الدُّنْيَا. {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} يَعْنِي دُخَانَ جَهَنَّمَ إِذَا ارْتَفَعَ انْشَعَبَ وَافْتَرَقَ ثَلَاثَ فِرَقٍ. وَقِيلَ: يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَتَشَعَّبُ ثَلَاثَ شُعَبٍ، أَمَّا النُّورُ فَيَقِفُ عَلَى رُءُوسِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالدُّخَانُ يَقِفُ عَلَى رُءُوسِ الْمُنَافِقِينَ، وَاللَّهَبُ الصَّافِي يَقِفُ عَلَى رُءُوسِ الْكَافِرِينَ. ثُمَّ وَصَفَ ذَلِكَ الظِّلَّ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {لَا ظَلِيلٍ} لَا يُظِلُّ مِنَ الْحَرِّ {وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا يَرُدُّ لَهَبَ جَهَنَّمَ عَنْكُمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ [إِذَا] (٢) اسْتَظَلُّوا بِذَلِكَ الظِّلِّ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُمْ حَرَّ اللَّهَبِ. {إِنَّهَا} يَعْنِي جَهَنَّمَ {تَرْمِي بِشَرَرٍ} وَهُوَ مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ، وَاحِدُهَا شَرَرَةٌ {كَالْقَصْرِ} وَهُوَ الْبِنَاءُ الْعَظِيمُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَعْنِي الْحُصُونَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ سَأَلَتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ" قَالَ: هِيَ الْخُشُبُ الْعِظَامُ الْمُقَطَّعَةُ، وَكُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخُشُبِ فَنُقَطِّعُهَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَفَوْقَ ذَلِكَ وَدُونَهُ نَدَّخِرُهَا لِلشِّتَاءِ، فَكُنَّا نُسَمِّيهَا الْقَصْرَ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ: هِيَ أُصُولُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْعِظَامِ، وَاحِدَتُهَا قَصْرَةٌ، مِثْلُ


(١) معاني القرآن للفراء: ٣ / ٢٢٤.
(٢) ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>