للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا يُقَالُ: طَرَدْتُ فُلَانًا وَاللَّهُ أَطْرَدَهُ أَيْ صَيَّرَهُ طَرِيدًا (١) .

{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) }

{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} أَحْيَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. {كَلَّا} رَدًّا عَلَيْهِ، أَيْ: لَيْسَ كَمَا يَقُولُ وَيَظُنُّ هَذَا الْكَافِرُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: حَقًا. {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} أَيْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَهُ [اللَّهُ بِهِ] (٢) وَلَمْ يُؤَدِّ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ خَلْقَ ابْنِ آدَمَ ذَكَرَ رِزْقَهُ لِيَعْتَبِرَ فَقَالَ: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} {فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} كَيْفَ قَدَّرَهُ رَبُّهُ وَدَبَّرَهُ لَهُ وَجَعَلَهُ سَبَبًا لِحَيَاتِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِلَى مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ: {أَنَّا} قَرَأَ أَهْلُ [الْكُوفَةِ] (٣) "أَنَّا" [بِالْفَتْحِ] (٤) عَلَى تَكْرِيرِ الْخَافِضِ، مَجَازُهُ: فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَنَّا وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. {صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} يَعْنِي الْمَطَرَ. {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} بِالنَّبَاتِ. {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} يَعْنِي الْحُبُوبَ الَّتِي يُتَغَذَّى بِهَا. {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} وَهُوَ الْقَتُّ الرَّطْبُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقْضَبُ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ أَيْ يُقْطَعُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْقَضْبُ: الْعَلَفُ لِلدَّوَابِّ. {وَزَيْتُونًا} وَهُوَ مَا يُعْصَرُ مِنْهُ الزَّيْتُ {وَنَخْلًا} جَمْعُ نَخْلَةٍ. {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} غِلَاظُ الْأَشْجَارِ، وَاحِدُهَا أَغْلَبُ، ومنه قيل الغليظ الرَّقَبَةِ: أَغْلَبُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: الْغُلْبُ: الْمُلْتَفَّةُ الشَّجَرِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طِوَالًا. {وَفَاكِهَةً} يُرِيدُ أَلْوَانَ الْفَوَاكِهِ {وَأَبًّا} يَعْنِي الْكَلَأَ وَالْمَرْعَى الَّذِي لَمْ يَزْرَعْهُ النَّاسُ، مِمَّا يَأْكُلُهُ الْأَنْعَامُ وَالدَّوَابُّ.


(١) انظر: معاني القرآن للفراء: ٣ / ٢٣٧.
(٢) في "ب" به ربه.
(٣) في "ب" المدينة.
(٤) في "أ" بفتح الألف.

<<  <  ج: ص:  >  >>