للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢) }

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} أَيْ سَاعٍ إِلَيْهِ فِي عَمَلِكَ، وَالْكَدْحُ: عَمَلُ الْإِنْسَانِ وَجُهْدُهُ فِي الْأَمْرِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ حَتَّى يَكْدَحَ ذَلِكَ فِيهِ، أَيْ يُؤَثِّرَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ: عَامِلٌ لِرَبِّكَ عَمَلًا {فَمُلَاقِيهِ} أَيْ مُلَاقِي جَزَاءَ عَمَلِكَ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا.

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ} دِيوَانَ [أَعْمَالِهِ] (١) {بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ شَيْئًا لَا تَعْرِفُهُ إِلَّا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ" قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ: يَا رسول الله أو ليس يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا"؟ قَالَتْ: فَقَالَ: "إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ [فِي الْحِسَابِ هَلَكَ] (٢) (٣) .

{وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ} يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ والآدميات {مَسْرُورًا} ١٨٨/أبِمَا أُوتِيَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ.

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} فَتُغَلُّ يَدُهُ الْيُمْنَى إِلَى عُنُقِهِ وَتُجْعَلُ يَدُهُ الشِّمَالُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَيُؤْتَى كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تُخْلَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.

{فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} يُنَادِي بِالْوَيْلِ وَالْهَلَاكِ إِذَا قَرَأَ كِتَابَهُ يَقُولُ: يَا وَيْلَاهُ يَا ثُبُورَاهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا" (الْفُرْقَانِ-١٣) .

{وَيَصْلَى سَعِيرًا} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَعَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ: وَ"يَصْلَى" بِفَتْحِ الْيَاءِ


(١) في "ب" عمله.
(٢) في "ب" الحساب يهلك.
(٣) أخرجه البخاري في العلم، باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه: ١ / ١٩٦-١٩٧ وفي تفسير سورة الانشقاق، وفي الرقاق. ومسلم في الجنة وصفة نعيمها، باب إثبات الحساب برقم: (٢٨٧٦) ٤ / ٢٢٠٤، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>