للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِيَعْلَمَ أَنَّ الْكَمَالَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ} أَيْ أَشْفِيهِمَا وَأُصَحِّحُهُمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَكْمَهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: هُوَ الَّذِي وُلِدَ أَعْمَى، وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ الْأَعْمَى. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ الْأَعْمَشُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ، {وَالْأَبْرَصُ} الَّذِي بِهِ وَضَحٌ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَذَيْنِ لِأَنَّهُمَا دَاءَانِ عَيَاءَانِ، وَكَانَ الْغَالِبُ فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الطِّبَّ، فَأَرَاهُمُ الْمُعْجِزَةَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ. قَالَ وَهْبٌ: رُبَّمَا اجْتَمَعَ عِنْدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْمَرْضَى فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ خَمْسُونَ أَلْفًا مَنْ أَطَاقَ مِنْهُمْ أَنْ يَبْلُغَهُ بَلَغَهُ وَمَنْ لَمْ يُطِقْ مَشَى إِلَيْهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ يُدَاوِيهِمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى شَرْطِ الْإِيمَانِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (١) قَدْ أَحْيَا أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ، عَازِرَ وَابْنَ الْعَجُوزِ، وَابْنَةَ الْعَاشِرِ، وَسَامَ بْنَ نُوحٍ، فَأَمَّا عَازِرُ فَكَانَ صَدِيقًا لَهُ فَأَرْسَلَتْ أُخْتُهُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ أَخَاكَ عَازِرَ يَمُوتُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَتَاهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِأُخْتِهِ: انْطَلِقِي بِنَا إِلَى قَبْرِهِ، فَانْطَلَقَتْ مَعَهُمْ إِلَى قَبْرِهِ، فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَقَامَ عَازِرُ وَوَدَكُهُ يَقْطُرُ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَبَقِيَ وَوُلِدَ لَهُ.

وَأَمَّا ابْنُ الْعَجُوزِ مُرَّ بِهِ مَيِّتًا عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سَرِيرٍ يُحْمَلُ فَدَعَا اللَّهَ عِيسَى فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَنَزَلَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، وَحَمَلَ السَّرِيرَ عَلَى عُنُقِهِ وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَبَقِيَ وَوُلِدَ لَهُ.

وَأَمَّا ابْنَةُ الْعَاشِرِ كَانَ [أَبُوهَا] (٢) رَجُلًا يَأْخُذُ الْعُشُورَ مَاتَتْ لَهُ بِنْتٌ بِالْأَمْسِ، فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ [بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ] (٣) فَأَحْيَاهَا [اللَّهُ تَعَالَى] (٤) وَبَقِيَتْ [بَعْدَ ذَلِكَ زَمَنًا] (٥) وَوُلِدَ لَهَا. وَأَمَّا سَامُ بْنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ إِلَى قَبْرِهِ فَدَعَا بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَقَدْ شَابَ نِصْفُ رَأْسِهِ خَوْفًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَشِيبُونَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَالَ: قَدْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّ دَعَوْتُكَ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مُتْ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ يُعِيذَنِي اللَّهُ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ فَدَعَا اللَّهَ فَفَعَلَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُنَبِّئُكُمْ} وَأُخْبِرُكُمْ {بِمَا تَأْكُلُونَ} مِمَّا لَمَّ أُعَايِنْهُ {وَمَا تَدَّخِرُونَ} تَرْفَعُونَهُ {فِي بُيُوتِكُمْ} حَتَّى تَأْكُلُوهُ وَقِيلَ: كان يخبر ٥٨/ب الرَّجُلَ بِمَا أَكَلَ الْبَارِحَةَ وَبِمَا يَأْكُلُ الْيَوْمَ وَبِمَا ادَّخَرَهُ لِلْعَشَاءِ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْكُتَّابِ يُحَدِّثُ الْغِلْمَانَ بِمَا يَصْنَعُ آبَاؤُهُمْ وَيَقُولُ لِلْغُلَامِ: انْطَلِقْ فَقَدْ أَكَلَ أَهْلُكَ كَذَا وَكَذَا، وَرَفَعُوا لَكَ كَذَا وَكَذَا، فَيَنْطَلِقُ الصَّبِيُّ إِلَى أَهْلِهِ وَيَبْكِي عَلَيْهِمْ حَتَّى يُعْطُوهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ فَيَقُولُونَ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ . فَيَقُولُ: عِيسَى فَحَبَسُوا صِبْيَانَهُمْ عَنْهُ وَقَالُوا: لَا تَلْعَبُوا مَعَ هَذَا السَّاحِرِ فَجَمَعُوهُمْ فِي بَيْتٍ فَجَاءَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَطْلُبُهُمْ فَقَالُوا: لَيْسُوا هَاهُنَا، فَقَالَ: فَمَا فِي هَذَا


(١) انظر: البحر المحيط: ٢ / ٤٦٧.
(٢) ساقط من أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) ساقط من أ.
(٥) ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>