للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْخَزْرَجِ، وَبَنُو حَارِثَةَ مِنَ الْأَوْسِ، وَدَنَا جَنَاحَيِ الْعَسْكَرِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ فِي أَلْفِ رَجُلٍ، وَقِيلَ: فِي تِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلًا فَلَمَّا بَلَغُوا الشَّوْطَ (١) انْخَذَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النَّاسِ ورجع في ثلاث مائة وَقَالَ: عَلَامَ نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا وَأَوْلَادَنَا؟ فَتَبِعَهُمْ أَبُو جَابِرٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ فِي نَبِيِّكُمْ وَفِي أَنْفُسِكُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ، وَهَمَّتْ بَنُو سَلَمَةُ وَبَنُو حَارِثَةَ بِالِانْصِرَافِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَعَصَمَهُمُ اللَّهُ فَلَمْ يَنْصَرِفُوا فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ عَظِيمَ نِعْمَتِهِ (٢) فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} نَاصِرُهُمَا وَحَافِظُهُمَا.

{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل، ٦٨/أأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} بَنُو سَلَمَةُ وَبَنُو حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} (٣) .

{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} وَبَدْرٌ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَوْضِعٍ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَقِيلَ: اسْمٌ لِبِئْرٍ هُنَاكَ، وَقِيلَ: كَانَتْ بَدْرٌ بِئْرًا لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ بَدْرٌ، قَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ عَلَيْهِ.

يَذْكُرُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَّتَهُ عَلَيْهِمْ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ بَدْرٍ، {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} جَمْعُ: ذَلِيلٍ وَأَرَادَ بِهِ قِلَّةَ الْعَدَدِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ مَعَ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}

{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ} اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَمَا قَالَ: " فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ " (الْأَنْفَالِ -٩) ثُمَّ صَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثُمَّ صَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ كَمَا ذُكِرَ هَاهُنَا {بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ}


(١) اسم موضع بين المدينة وأحد. (معجم البلدان) .
(٢) انظر: سيرة ابن هشام ٢ / ١٢٨.
(٣) أخرجه البخاري في المغازي باب "إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا. . " ٧ / ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>