للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعْنِي: وَلَا تَحْسَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَإِنَّمَا نُصِبَ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الَّذِينَ، {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} وَالْإِمْلَاءُ الْإِمْهَالُ وَالتَّأْخِيرُ، يُقَالُ: عِشْتُ طَوِيلًا حَمِيدًا وَتَمَلَّيْتُ حِينًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا" (مَرْيَمَ -٤٦) أَيْ: حِينًا طَوِيلًا ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} نُمْهِلُهُمْ {لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}

قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَفَّالُ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَرْوَنْجِرْدِيُّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ أَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، أَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ" قِيلَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ" (١) .

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قَالَتْ قُرَيْشٌ: يَا مُحَمَّدُ تَزْعُمُ أَنَّ مَنْ خَالَفَكَ فَهُوَ فِي النَّارِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَأَنَّ مَنِ اتَّبَعَكَ عَلَى دِينِكَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ، فَأَخْبِرْنَا بِمَنْ يُؤْمِنُ بِكَ وَبِمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ أُمَّتِي فِي صُوَرِهَا فِي الطِّينِ كَمَا عُرِضَتْ عَلَى آدَمَ وَأُعْلِمْتُ مَنْ يُؤْمِنُ بِي وَمَنْ يَكْفُرُ بِي" فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالُوا اسْتِهْزَاءً: زَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرُ مِمَّنْ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ، وَنَحْنُ مَعَهُ وَمَا يَعْرِفُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ طَعَنُوا فِي عِلْمِي لا تسألوني ٧٤/ب عَنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ


(١) أخرجه الترمذي في الزهد باب ما جاء في طول العمر للمؤمن: ٦ / ٦٢٢ وقال: هذا حديث حسن صحيح والدارمي في الرقاق باب أي المؤمنين خير؟: ٢ / ٣٠٨ والحاكم في المستدرك: ١ / ٣٣٩ وصححه على شرط مسلم وأخرج أيضا عن جابر: "ألا أنبئكم بخياركم من شراركم؟ قالوا: بلى قال: خياركم أطولكم أعمارا وأحسنكم عملا" وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وله شاهد صحيح على شرط مسلم ثم ذكر حديث أبي بكرة. وأخرجه الإمام أحمد: ٤ / ١٨٨، ١٩٠ ٥ / ٤٠، ٤٣، ٤٤ وفي مواضع أخرى والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٢٨٧، ٢٨٨ والطيالسي في المسند ص (١١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>