للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَضْمَرَتْ، {طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} يَعْنِي: قَوَّمَ طُعْمَةَ، {أَنْ يُضِلُّوكَ} يُخَطِّئُوكَ فِي الْحُكْمِ وَيُلْبِسُوا عَلَيْكَ الْأَمْرَ حَتَّى تُدَافِعَ عَنْ طُعْمَةَ، {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} يَعْنِي يَرْجِعُ وَبَالُهُ عَلَيْهِمْ، {وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} يُرِيدُ أَنَّ ضَرَرَهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ، {وَالْحِكْمَةَ} يَعْنِي: الْقَضَاءَ بِالْوَحْيِ {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} مِنَ الْأَحْكَامِ، وَقِيلَ: مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} يَعْنِي: قَوْمَ طُعْمَةَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ، وَالنَّجْوَى: هِيَ الْإِسْرَارُ فِي التَّدْبِيرِ، وَقِيلَ: النَّجْوَى مَا يَنْفَرِدُ بِتَدْبِيرِهِ قَوْمٌ سِرًّا كَانَ أَوْ جَهْرًا، فَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِمَّا يُدَبِّرُونَهُ بَيْنَهُمْ، {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} أَيْ: إِلَّا فِي نَجْوَى مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، فَالنَّجْوَى تَكُونُ فِعْلًا وَقِيلَ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، يَعْنِي: لَكِنْ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، وقيل النجوى ها هنا: الرِّجَالُ الْمُتَنَاجُونَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "وَإِذْ هُمْ نَجْوَى" (الْإِسْرَاءِ -٤٧) . {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} أَيْ: حَثَّ عَلَيْهَا، {أَوْ مَعْرُوفٍ} أَيْ: بِطَاعَةِ اللَّهِ وَمَا يُعَرِّفُهُ الشَّرْعُ، وَأَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا مَعْرُوفٌ، لِأَنَّ الْعُقُولَ تَعْرِفُهَا.

{أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمٍ هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ"؟ قَالَ: قُلْنَا بَلَى، قَالَ: "إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ. وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ" (١) .

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص (١١٨) ، وأبو داود في الأدب، باب في إصلاح ذات البين: ٧ / ٢٥، والترمذي في صفة القيامة، باب سوء ذات البين: ٧ / ٢١٢ وقال: هذا حديث صحيح، وأحمد في المسند: ٦ / ٤٤٤، ٤٤٥، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>