للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (١٧١) }

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا} قِيلَ: إِنَّمَا قَالَ "وَظَلَمُوا" -مَعَ أَنَّ ظُلْمَهُمْ بِكُفْرِهِمْ -تَأْكِيدًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَظَلَمُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتْمَانِ نَعْتِهِ، {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا} يَعْنِي: دِينَ الْإِسْلَامِ.

{إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} يَعْنِي الْيَهُودِيَّةَ، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ سَبَقَ حُكْمُهُ فِيهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} تَقْدِيرُهُ: فَآمِنُوا يَكُنِ الْإِيمَانُ خَيْرًا لَكُمْ، {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} نَزَلَتْ فِي النَّصَارَى وَهُمْ أَصْنَافٌ: الْيَعْقُوبِيَّةُ وَالْمَلْكَانِيَّةُ والنُّسْطُورِيَّةُ وَالْمَرْقُوسِيَّةُ فَقَالَتِ الْيَعْقُوبِيَّةُ: عِيسَى هُوَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ الْمَلْكَانِيَّةُ، وَقَالَتِ النُّسْطُورِيَّةُ: عِيسَى هُوَ ابْنُ اللَّهِ، وَقَالَتِ: الْمَرْقُوسِيَّةُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (١) .

وَيُقَالُ الْمَلْكَانِيَّةُ يَقُولُونَ: عِيسَى هُوَ اللَّهُ، وَالْيَعْقُوبِيَّةُ يَقُولُونَ: ابْنُ اللَّهِ، والنُّسْطُورِيَّةُ يَقُولُونَ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ. عَلَّمَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ بَوْلَسُ، سَيَأْتِي فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.


(١) أسباب النزول للواحدي ص (٢١٨) . وعن فرق النصارى ومذاهبها انظر: محاضرات في النصرانية للشيخ محمد أبو زهرة ص (١٨٣ - ١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>