للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى " الْمُحْصَنَاتِ " فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُنَّ الْحَرَائِرُ، وَأَجَازُوا نِكَاحَ كُلِّ حُرَّةٍ، مُؤْمِنَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً، فَاجِرَةً كَانَتْ أَوْ عَفِيفَةً، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ هَؤُلَاءِ: لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لقوله تعالى: "فمما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ" (سُورَةُ النِّسَاءِ، ٢٥) جَوَّزَ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً، وَجَوَّزَ أَكْثَرُهُمْ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ الْحَرْبِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَجُوزُ وَقَرَأَ "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" إِلَى قَوْلِهِ "حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" (التَّوْبَةِ، ٢٩) ، فَمَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ حَلَّ لَنَا نِسَاؤُهُ وَمَنْ لَمْ يُعْطِهَا فَلَا يَحِلُّ لَنَا نِسَاؤُهُ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْمُحْصَنَاتِ فِي الْآيَةِ: الْعَفَائِفُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ حَرَائِرَ كُنَّ أَوْ إِمَاءً وَأَجَازُوا نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَحَرَّمُوا الْبَغَايَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْكِتَابِيَّاتِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِحْصَانُ الْكِتَابِيَّةِ أَنْ تَسْتَعِفَّ مِنَ الزِّنَا وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ.

{إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} مُهُورَهُنَّ {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} غَيْرَ مُعَالِنِينَ بِالزِّنَا، {وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} أَيْ: يُسِرُّونَ بِالزِّنَا، قَالَ الزَّجَّاجُ: حَرَّمَ اللَّهُ الْجِمَاعَ عَلَى جِهَةِ السِّفَاحِ وَعَلَى جِهَةِ اتِّخَاذِ الصَّدِيقَةِ، وَأَحَلُّهُ عَلَى جِهَةِ الْإِحْصَانِ وَهُوَ التَّزَوُّجُ.

{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يَقُولُ لَيْسَ إِحْصَانُ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُنَّ بِالَّذِي يُخْرِجُهُنَّ مِنَ الْكُفْرِ أَوْ يُغْنِي عَنْهُنَّ شَيْئًا وَهِيَ لِلنَّاسِ عَامَّةً: "وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ" أَيْ: بِاللَّهِ الَّذِي يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>