للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وَتَضَعُونَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَلَا تَدْرُونَ مَا هِيَ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا مُنْكَرًا فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابِهِ" (١) .

وَفِي رِوَايَةٍ "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيَسْتَعْمِلَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليكم شراركم فليسومونكم سُوءَ الْعَذَابِ، ثُمَّ لَيَدْعُوَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِيَارَكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ [لَكُمْ] (٢) " (٣) .

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: خَافَ الصِّدِّيقُ أَنْ يَتَأَوَّلَ النَّاسُ الْآيَةَ عَلَى غَيْرِ مُتَأَوَّلِهَا فَيَدْعُوهُمْ إِلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ [وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ] (٤) فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي أُذِنَ فِي الْإِمْسَاكِ عَنْ تَغْيِيرِهِ مِنَ الْمُنْكَرِ، هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ الْمُعَاهَدُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَيْهِ، فَأَمَّا


(١) أخرجه أبو داود في الملاحم، باب الأمر والنهي: ٦ / ١٨٧، وعزاه المنذري للنسائي، وأخرجه الترمذي في الفتن، باب ما جاء في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر: ٦ / ٣٨٨، وقال: حسن صحيح، وأخرجه أيضا في التفسير، وابن ماجه في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (٤٠٠٥) : ٢ / ١٣٢٧، وصححه ابن حبان برقم (١٨٣٧) ص (٤٥٥) ، والإمام أحمد في المسند: ١ / ٥،٧، وأبو بكر المروزي في مسند الصديق ص (١٢٨-١٣١) ، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٤٤.
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٣) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد: ١٣ / ٩٢، ورواه الطبراني في الأوسط والبزار في مسنده. قال الهيثمي: وفيه حبان بن علي، وهو متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها. وقال العراقي: كلا طريقيه ضعيف. انظر: مجمع الزوائد: ٧ / ٢٦٦، فيض القدير: ٥ / ٢٦١.
(٤) ما بين القوسين ساقط من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>