للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: مَوْضِعُ " أَنْ " رَفْعٌ، مَعْنَاهُ هُوَ أَنْ لَا تُشْرِكُوا، وَقِيلَ: مَحَلُّهُ نَصُبٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ انْتِصَابِهِ، قِيلَ: مَعْنَاهُ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بِهِ، وَ"لَا" صِلَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (ما منعك أن لا تَسْجُدَ) (الْأَعْرَافِ، ١٢) ، أَيْ: مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ. وَقِيلَ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ "حَرَّمَ رَبُّكُمْ" ثُمَّ قال: عليكم أن لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا عَلَى الْإِغْرَاءِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ هَذَا مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى، أَيْ: أَتْلُ عَلَيْكُمْ تَحْرِيمَ الشِّرْكِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى: أُوصِيكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} فَقْرٍ، {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} أَيْ: لَا تَئِدُوا بَنَاتِكُمْ خَشْيَةَ الْعَيْلَةِ، فَإِنِّي رَازِقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ، {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [مَا ظَهَرَ يَعْنِي: الْعَلَانِيَةَ، وَمَا بَطَنَ] (١) يَعْنِي: السِّرَّ.

وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَقْبِحُونَ الزِّنَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا فِي السِّرِّ فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الزِّنَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَالسِّرِّ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَا ظَهَرَ: الْخَمْرُ، وَمَا بَطَنَ: الزِّنَا.

{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى قَتْلَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُعَاهِدِ إِلَّا بِالْحَقِّ، إِلَّا بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ مِنْ رِدَّةٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ زِنًا يُوجِبُ الرَّجْمَ.

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ ثَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ" (٢) .

{ذَلِكُمُ} الَّذِي ذَكَرْتُ {وَصَّاكُمْ بِهِ} أَمَرَكُمْ بِهِ، {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}


(١) ساقط من "ب".
(٢) أخرجه البخاري في الديات، باب قول الله تعالى: "أن النفس بالنفس.." ١٢ / ٢٠١، ومسلم في القسامة، باب بيان ما يباح به دم المسلم (١٦٧٦) : ٣ / ١٣٠٢، والمصنف في شرح السنة: ١٠ / ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>