للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا يُوجِبُ دُخُولَ نَوْعَيْ الرِّبَا -رِبَا الْفَضْلِ, وَرِبَا النسأ- فِي الْحَدِيثِ.

ثُمَّ إنَّ الَّذِينَ بَلَغَهُمْ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ} (١) فَاسْتَحَلُّوا بَيْعَ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ يَدًا بِيَدِ؛ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَصْحَابِهِ: أَبِي الشَّعْثَاءِ؛ وَعَطَاءٍ؛ وطاوس؛ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ؛ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَعْيَانِ الْمَكِّيِّينَ الَّذِينَ هُمْ صَفْوَةُ الْأُمَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ, أَوْ مَنْ قَلَّدَهُ -بِحَيْثُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ-: تَبْلُغُهُمْ لَعْنَةُ آكِلِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ تَأْوِيلًا سَائِغًا فِي الْجُمْلَةِ.

وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ فُضَلَاءِ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ إتْيَانِ الْمحَاشِّ, مَعَ مَا رَوَاهُ أَبُو داود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ!} (٢) أَفَيَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ أَنْ يَقُولَ: إنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا كَانَا كَافِرَيْنِ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ؟

وَكَذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَ الْخَمْرِ, وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا,..}


(١) رواه الإمام أحمد, ومسلم، والنسائي، وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٢) رواه أحمد في "مسنده" وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه, وسنده صحيح.

<<  <   >  >>