للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحكاية الأولى]

وهو ما رواه وهب بن منبه وكان من علماء اليهود وأسلم، روى أنه كان ملك عظيم أراد أن يركب يوماً في جملة أهل مملكته ويري الخلق عجائبه وزينته فأمر أمراءه وحجابه وكبراء دولته رتبة بالركوب ليظهر للناس سلطنته، فأمر بإحضار فاخر الثياب وأمر بعرض خيوله المعروفة، وعتاقه الموصوفة، فاختار من جملتها جواداً يعرف السبق فركبه بالمركب والطوق المرصع بالجوهر وجعل يركض الحصان في عسكره، ويفتخر بتيهه وتجبره، فجاء إبليس فوضع فمه في منخره ونفخ هواء الكبر في أنف أنفته فقال في نفسه من في العالم مثلي؟ وجعل يركض بالكبرياء، ويزهو بالخيلاء، ولا ينظر إلى أحد من تيهه وكبره، وعجبه وفخره، فوقف بين يديه رجل عليه ثياب رثة فسلم عليه فلم يرد عليه سلامه فقبض على عنان فرسه فقال له الملك: إرفع يدك فإنك لا بدري بعنان من قد أمسكت؟ فقال: لي إليك حاجة، فقال: اذكر حاجتك، فقال: إنها سرُ ولا أقولها إلا في أذنك، فأصغي إليه بسمعه فقال: أنا ملك الموت أريد أن أقبض روحك، فقال: أمهلني بقدر ما أعود إلى بيتي وأودّع أولادي وزوجتي، فقال: كلا لا تعود تراهم أبداً فإنك قد فنيت مدة عمرك، وأخذ روحه وهو عل ظهر الفرس فخر ميتاً. وعاد ملك الموت من هناك فأتي رجلاً صالحاً قد رضي ربه عليه فسلم عليه فرد عليه السلام فقال: لي إليك حاجة وهي سر، فقال الصالح: قل حاجتك في أذني، فقال: أنا ملك الموت، فقال: مرحباً بك الحمد لله عل مجيئك فإني كنت كثير الترقّب لوصولك، ولقد طالت علي غيبتك وكنت مشتاقاً إلى قدومك، فقال له ملك الموت: إن كان لك شغل فاقضِه، فقال: ليس لي شغل أهم عندي من لقاء ربي عز وجل، فقال: كيف تحب أن أقبض روحك فإني أمرت أنا سجدت فخذ روحي وأنا ساجد، ففعل ملك الموت ما أمره به ونقله الى رحمة ربه جل وعلا.

<<  <   >  >>