للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سجد له شعراء زمانه. وقيل لبشار بن برد: أخبرنا عن أجود بيت قالته العرب، فقال: إن تفضيل بيت واحد على الشعرِ كلّه لشديد، ولكنْ أحسن كلَّ الإحسان لبيد في قوله:

أكذِبِ النفسَ إذا حدَّثتَها ... إنّ صدقَ النفسِ يُزري بالأملْ

وإذا رُمتَ رحيلاً فارتحلْ ... واعصِ ما يأمُرُ توصيمُ الكَسَلْ

ومن أمثاله السائرة قوله في قصيدة:

وما المالُ والأهلونَ إلاّ وديعةٌ ... ولا بدَّ يوماً أن تُردَّ الودائِعُ

وما المرءُ إلا كالشهابِ وضوئِه ... يجود رَماداً بعدَ إذ هو ساطعُ

ومنها:

أليس ورائي إن تراختْ مَنيتي ... لزومُ العصا تُحنى عليها الأصابعُ

أُخبِّر أخبارَ القرونِ التي مَضَتْ ... أَدِبُّ كأني كلما قُمتُ راكعُ

لعمرُك ما يدري المسافرُ هل له ... نجاحٌ ولا يدري متى هو راجعُ

ومنها:

أتجزعُ مما أحدثَ الدهرُ للفتى ... وأيُ كريمٍ لم تُصبْه القوارعُ

ومن أمثاله السائرة قوله:

ذَهَب الذين يُعاش في أكنافهم ... وبقيتُ في خلفٍ كجلدِ الأجربِ

وقوله:

فقوما وقولا بالذي قد علمتما ... ولا تخمِشا خدّاً ولا تحلقا الشَّعَرْ

إلى الحولِ ثم اسمُ السلامِ عليكما ... ومن يبكِ حولاً كاملاً فقد اعتذرْ

وحكي أنه لم يقل في الإسلام غير بيت واحد وهو:

الحمدُ للَه إذْ لم يأتني أَجَلي ... حتى اكتسيتُ من الإسلام سِرْبالا

<<  <   >  >>