للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسْنَ آثارِ الوزراء وأولياء الدولة

فلانٌ قدْ سافر رأيهُ وهو دانٍ لم يَنزَح، وسار تدبيره وهو مُقيمٌ لم يبرحْ، النجاحُ مقصورٌ على تدبيرهِ، والصَوابُ مَقرونٌ بإمضائهِ وتقديره، هو بين نُصْحٍ يؤثره، وجميلٍ يؤثره، هو مُدبرَ الأمرِ ومقدره، ومُوْرِدُ الرأي ومُصدِرهُ، ليس قلمُه إلا أوضحَ من السيف عُذراً وأحسن في الذبِّ عن البيضةِ أثراً قلمُه ناسجُ وَشْي المملكة، وناظم عِقد الدولةِ، قد سهَلَ المتَعذر، وذلل المتَوعِّر، وأنال البعيد، وألان الشديد.

ذِكْرُ البَطَر وكُفْران النِّعمة

فلانٌ قَد أثرَى وَبَغى فاستغنى فطغى، أرضتْهُ الموهبة فتسخطها، وشملتهُ النِّعمة فغمطها، انكشف منه حُسْنُ الاصطناع، عن قبيح الامتناع، وكثرة البرِّ عن قليل الشُّكر، لبس ثَوبَ الخِذلان، وجاهَرَ بالكُفر والعصيان، وقابلَ النّعمة بالكُفران.

ذكْرُ العُصاة والمخالفين

قد ركبوا أضاليل الهوىَ، وأباطيل المُنى، ورَعَوا مراتِعَ الظنون، ولم يروا مطالِعَ المَنون، ما زال يوهِمُ وفاقاً ويَضْمِرُ نفاقاً، وينشر صِدق طاعة ولاء وينشر خوافي ارتقاءٍ، يظهر المعاضَدة ويُبْطن المعاندةَ، ويُبدي موالاةً، حشوها المماراة والمداهَنَةُ، ويُظْهرُ مُشايعةَ سِرُها المداجاة والمداجنَة، فلان يلقى أولياءنا بوجهه، وأعداءنا بقلبه، ويكثر لهؤلاء عن بغض سره ولهؤلاء عن حبه، استزل الشيطان قدمه، وعَرَض للسفكِ دمَه، وأطال على فعله ندمه، نزغ له شيطانُه، وامتَدَت في البغي أشطانُه، وجَد الشيطانُ بينهم منزغاً، ولصائبِ سهمه فيهم منزعاً، فلان قد عصى، وشق العصا، وخلع رِبقَة الطاعةِ، وفارق ظل الجماعةِ، فلان قد جُنَ، وقَلَب المِجن، قد مَدَ يداً قصيرةً ليتناول غايةً بعيدةً، فضَ خاتمَ العافية بالغَدرِ، وبدَدَ شملَ الخير بقلَةِ الشُكر،

<<  <   >  >>