للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شربَ كأسَ الجَهالةِ، واستوطأ مركب الضلالةِ، ران على قلبهِ الغي، وملك قيادة البغي، عادَ زَنْدُ شرّه قادِحاً، وفتى صَرّه قارحاً، راغ عن المذهب القويم، وزاغ عن السِّراط المستقيم.

التعرضُ للهلاك واستجلابُ سوء العاقبة

ذكرتُ حَديثَ الباحِثِ عن مُدْيَتهِ، الآكلِ لديته، المتبرم بعمره، المنتهي إلى آخر أمرِه، قد تعرض لاجتلاب البليةِ، وتحككَ باجتناب المنيةِ، ما هو إلاّ الفراسة دَنَت من التيار، والفَراش حامَتْ حولَ النارِ، والنملة قربَ اجتياحُها، فنبت جَناحُها، فعل فعلَ الباحثِ عن مُديته المتعجل إلى انقطاع مُدته، قد طار في رأسِه، ما أظنه يُطيره عن جسده، ويقطعه بجهلهِ في يَوْمه وَغدِهِ، أعَماهُ غَليان دمِهِ عن موقع قدمه، وأعْشاه اشتياق الحَتفِ إلى قَبضِهِ عن شمس أرضِهِ، أولئكَ الأغمارُ الذين تناهَت بهم الأعمارُ.

الظلم والظلَمة وسوءُ آثارِهم

ظُلمٌ صريحٌ، وجَورٌ فَسيحٌ، واعتداءٌ قبيح، فلان قد ملكته الهزةُ للظلم، وأخذته الغِرةُ بالإثم، وإذا رأيت ثم رأيت أملاكاً مغصوبةَ منهوبةً، ورَعايا مأكولَةً مشروبةً، رَعية فلانٍ مدفوعونَ إلى فقدِ الرياشِ، وضِيق المعاشِ قد أداهُم الغلا إلى البلا، والبلا إلى الجَلا، والإضاقَة إلى الفاقةِ، وصارَتِ الخَصاصةُ فوضى بين العامة والخاصة، أمراؤهم عَجَزة قَعَدة، وكُتابهم خَوَنة مَرَقَة، فالأستار بينهم مهتوكَة، والدماء مَسفوكَة، والأموالُ مُجتاحة، والديارُ مُستباحة، فلان وُلدَ على أرضِ العِصيان، ونشأ في حِجر الطغيان، وغُذِيَ بلبانِ العدوان، جعلوا يغيرونَ ويبيرون، ويثيرون من الفتن ما ينثرون، لا عن الدماء كَفُوا، ولا عن الفروج عَفُّوا.

<<  <   >  >>