للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استعار السحابُ جُفونَ العُشَاقِ، ولفَّ الأجواد. انقطع شريان عرق الغمام، سحابٌ حَكى المحب في انسكابِ دموعِهِ، والتهابِ النار بين ضُلوعه، مَطرٌ كأفواه القِرَب، وَوَحْلٌ إلى الركب، سحابُه يضحك من بكائها الرَّوْضُ، وتخضرُّ من سَوادِها الأرضُ.

وَصفُ الماءِ وما يتصل به

ماءٌ كالزجاج الأزرقِ، غديرٌ كعينِ الشمس، مواردُ كالمباردِ، ماءٌ كلسانِ الشَّمعة، أصفى من الدَّمعة، ماءٌ إذا مَسّتهُ مدُّ النسيم، حكى سلاسلَ الفضَّة، كأن الغدير لبنات الماء، رداءٌ مُصَنْدلٌ مُطيَّرٌ، بِركةٌ كأنها مرآةُ السماء، بركة مفروزة بالخضرة كأنها مرآةٌ مَجْلوّة على ديباجةٍ خضراء، ماءٌ أرقُّ من دموعي فيك وأعذب من أخلاقك، وأبرد من فعل الزمان حيث رماني بجفائك.

ذكْرُ الصَّيفِ ووصفُ الحر

قَوِيَ سلطان الحرَ، وبسط بساطَ الجمر، حَرُّ الصيف كحدِّ السيف، حَزٌ يلفح حُرَّ الوَجْهِ، حرٌّ يشبهُ قلبَ الصَّبِّ، ويُذيبُ دماغ الضّّبِّ، هاجرة تحكي نارَ الهَجْرِ، وتذيبُ قلبَ الصََّخر، أيامٌ كأيام الفراقِ امتداداً، وحَرٌّ كحرِّ الشوقِ اشتداداً، حرّ لا يَطيب مَعه عيش، ولا ينفع فيه ثلج ولا خَيش.

ذكْرُ الخَريف

انحسر قناعُ الصيف، خَبَتْ جَمْرَةُ الهواجرِ، جاشت جيوشُ الخريف، وردت رايات المصيف، قد أخذ البردُ يجمّشنا بلواحظه ويقرصنا بأنامِلِه، أخذت عواصفه تهبٌّ، وأقبلت عقاربه تدبُّ قد حَلّتِ الشمس الميزان، وعُدِّل الزمان بالميزان.

ذِكْرُ الشتاءِ وَوَصْفُ أيّامِ الثلج والبرد

ألقى الشتاء كلاكِلَه، وأحلَّ بنا أثقالَهُ، مَدَ الشتاء رُواقه، وحلَ البرد نطاقَه،

<<  <   >  >>