للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} .

{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ} أي: يفضحهم على رءوس الخلائق ويبين لهم كذبهم وافتراءهم على الله.

{وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ} أي: تحاربون ⦗٤٣٩⦘ وتعادون الله وحزبه لأجلهم وتزعمون أنهم شركاء لله، فإذا سألهم هذا السؤال لم يكن لهم جواب إلا الإقرار بضلالهم، والاعتراف بعنادهم فيقولون {ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} {قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي: العلماء الربانيون {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ} أي: يوم القيامة {وَالسُّوءَ} أي: العذاب {عَلَى الْكَافِرِينَ} وفي هذا فضيلة أهل العلم، وأنهم الناطقون بالحق في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وأن لقولهم اعتبارا عند الله وعند خلقه، ثم ذكر ما يفعل بهم عند الوفاة وفي القيامة فقال:

{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أي: تتوفاهم في هذه الحال التي كثر فيها ظلمهم وغيهم وقد علم ما يلقى الظلمة في ذلك المقام من أنواع العذاب والخزي والإهانة.

{فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} أي: استسلموا وأنكروا ما كانوا يعبدونهم من دون الله وقالوا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} فيقال لهم: {بَلَى} كنتم تعملون السوء فـ {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فلا يفيدكم الجحود شيئا، وهذا في بعض مواقف القيامة ينكرون ما كانوا عليه في الدنيا ظنا أنه ينفعهم، فإذا شهدت عليهم جوارحهم وتبين ما كانوا عليه أقروا واعترفوا، ولهذا لا يدخلون النار حتى يعترفوا بذنوبهم.

{فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّم} كلُّ أهل عمل يدخلون من الباب اللائق بحالهم، {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} نار جهنم فإنها مثوى الحسرة والندم، ومنزل الشقاء والألم ومحل الهموم والغموم، وموضع السخط من الحي القيوم، لا يفتَّر عنهم من عذابها، ولا يرفع عنهم يوما من أليم عقابها، قد أعرض عنهم الرب الرحيم، وأذاقهم العذاب العظيم.

<<  <   >  >>