للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا اتُّهمَ، فإنَّه يُستحلَفُ، وكذا حُكي عن الشَّافعي فيمن تزوَّجَ مَنْ لا تحلُّ له، ثمَّ ادعى الجهلَ، أنَّه يُحلَّفُ على دعواه، وكذا قال إسحاق في طلاق السَّكران: يحلف أنَّه ما كان يعقل، وفي طلاق النَّاسي: يحلف على نسيانه، وكذا قال القاسمُ بن محمَّد وسالم بن عبد الله في رجل قال لامرأته: أنت طالقٌ: يحلفُ أنَّه ما أرادَ به الثَّلاثَ، وتردُّ إليه.

وخرَّج الطبراني (١) من رواية أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كان أُناسٌ مِنَ الأعراب يأتونَ بلحمٍ، فكان في أنفسنا منه شيءٌ، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اجْهَدُوا أيمانَهم إنهم ذبحوها، ثمَّ اذكُروا اسمَ اللهِ وكلُوا" وأبو هارون ضعيف جدًا.

وأما المؤتمن في حُقوق الآدميِّينَ حيث قُبِلَ قولُه، فهل عليه يمين أم لا؟ فيه ثلاثةُ أقوال للعلماء:

أحدها: لا يمينَ عليه، لأنه صدَّقه بائتمانِه، ولا يمين مع التَّصديقِ، وبالقياسِ على الحاكم، وهذا قولُ الحارث العُكلي.

والثاني: عليه اليمينُ، لأنه منكر، فيدخل في عموم قوله: "واليمين على من أنكر"، وهو قولُ شريحٍ وأبي حنيفة والشَّافعيّ ومالكٍ في رواية، وأكثر أصحابنا.

والثالث: لا يمينَ عليه إلَّا أن يُتَّهَمَ وهو نصُّ أحمد، وقول مالك في رواية لما تقدم مِنَ ائتمانه.

وأمَّا إذا قامت قرينةٌ تُنافي حالَ الائتمان، فقد اختلَّ معنى الائتمان.


(١) في "الأوسط" (٢٣٦٧)، وذكره الهيثمي في "المجمع" ٤/ ٣٦، وقال: ورجاله ثقات. وهو وهم منه - رحمه الله -، فإن أبا هارون العبدي متروك، ومنهم من اتهمه بالكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>