للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسببِ ذلك في التَّفريط في بعض الواجبات، أو ارتكاب بعضِ المحظوراتِ، فأمَّا من تحقَّق قلبُه بتوحيدِ الله، فلا يبقى له همٌّ إلا في الله وفيما يُرضيه به، وقد ورد في الحديث مرفوعًا: "من أصبح وَهمُّه غيرُ الله، فليس من الله" (١)، وخرَّجه الإِمام أحمد من حديث أبي بن كعب موقوفًا قال: مَنْ أصبح وأكبر همِّه غيرُ الله فليس من الله". قال بعضُ العارفين: من أخبرك أنَّ وليه له همٌّ في غيره، فلا تُصدِّقه.

كان داود الطائي يُنادي بالليل: همُّك عَطَّل عليَّ الهمومَ، وحالف بيني وبين السُّهاد، وشوقي إلى النَّظر إليك أوثق مني اللذات، وحالَ بيني وبين الشهوات، فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب (٢)، وفي هذا يقول بعضهم:

قالوا تشاغَلَ عنَّا واصطفى بدلًا … منَّا وذلك فعلُ الخائن السالي

وكيف أشغلُ قلبي عن محبتكم … بغير ذِكركُم يا كُلَّ أشغالي

قوله: "ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه وفي الرواية الأخرى: "إن دعاني أجبتُه، وإن سألني، أعطيته"، يعني أنَّ هذا المحبوبَ المقرَّب، له عند الله منزلةٌ خاصة تقتضي أنه إذا سأل الله شيئًا، أعطاه إياه، وإن استعاذَ به من شيءٍ، أعاذه منه، وإن دعاه، أجابه، فيصير مجابَ الدعوة لكرامته على ربه - عز وجل -، وقد كان كثيرٌ مِنَ السَّلف الصَّالح معروفًا بإجابة الدعوة. وفي "الصحيح" أنَّ الرُّبيِّعَ بنتَ النَّضر كسَرَتْ ثَنِيَّة جارية، فعرضوا عليهم الأرش،


(١) رواه الحاكم ٤/ ٣٢٠ من حديث ابن مسعود، وفي سنده إسحاق بن بشر أبو حذيفة، كذبه ابن المديني والدارقطني، ومقاتل بن سليمان تالف، ورواه أبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٤٨ من حديث أنس بن مالك، وفي سنده وهب بن راشد، قال أبو حاتم: منكر الحديث حدث بأحاديثَ بواطيل، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال، وفرقد السبخي: وهو ضعيف، وانظر "اللآلئ المصنوعة" ٢/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٢) الخبر في "حلية الأولياء" ٧/ ٣٥٦ - ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>