للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعلم أن الله تعالى ذكر حُكمَ ميراثِ الأبوين، ولم يذكر الجد ولا الجدَّة، فأما الجدَّةُ، فقد قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -: إنه ليس لها في كتاب الله شيءٌ (١)، وقد حكى بعضُ العلماء الإجماع على ذلك، وأنَّ فرضها إنَّما ثبت بالسُّنَّة. وقيل: إن السُّدس طعمةٌ أطعمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس بفرضٍ، كذا روي عن ابن مسعود وسعيد بن المسيِّب.

وقد رُوي عن ابن عباس من وجوهٍ فيها ضعفٌ أنها بمنزلة الأم عندَ فقد الأم ترث ميراثَ الأم، فترث الثلثَ تارةً، والسدس أخرى، وهذا شذوذ، ولا يصحُّ إلحاق الجدة بالجدِّ، لأن الجدِّ عصبة يُدلي بعصبة، والجدَّة ذاتُ فرض تُدلي بذات فرض فضعفت، وقد قيل: إنه ليس لها فرض بالكلية، وإنما السدسُ طعمة أطعمها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا قالت طائفة ممن يرى الردَّ على ذوي الفروض: إنَّه لا يُرَد على الجدة، لضعف فرضها، وهو رواية عن أحمد.

وأما الجدُّ، فاتَّفق العلماءُ على أنَّه يقومُ مقامَ الأب في أحواله المذكورة من قبلُ، فيرثُ مع الولدِ السُّدُسَ بالفرض، ومعَ عدم الولد يرثُ بالتعصيب، وإن بقي شيء مع إناث الولد أخذه بالتعصيبِ أيضًا عملًا بقوله: "فما أبقتِ الفرائضُ، فلأوْلى رَجُلٍ ذكر".

ولكن اختلفوا إذا اجتمع أمُّ وجدٌّ مع أحد الزوجين، فرُوي عن طائفةٍ من الصَّحابة أن للأم ثُلُث الباقي، كما لو كان معها الأبُ كما سبق، رُوي ذلك عن عمر، وابن مسعود كذا نقلهُ بعضُهم، ومنهم من قال: إنما رُوي عن عمر، وابن مسعود في زوج وأم وجدُّ أنَّ للأمِّ ثلث الباقي.

ورُوي عن ابن مسعود روايةٌ أخرى: أن النِّصفَ الفاضلَ بين الجدِّ والأم


(١) رواه أحمد ٤/ ٢٢٥، وأبو داود (٢٨٩٤)، والترمذي (٢١٠١)، وابن ماجه (٢٧٢٤)، وصححه ابن حبان (٦٠٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>