للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب صلاة الكسوف

ــ

[البناية]

[باب صلاة الكسوف] [عدد ركعات صلاة الكسوف وكيفيتها]

م: (باب صلاة الكسوف) ش: أي هذا باب في بيان صلاة الكسوف، وجه المناسبة بين البابين من حيث إنهما يؤديان بالجماعة في النهار بغير أذان ولا إقامة، وآخرها من العيد، لأن صلاة العيد واجبة على الأصح كما ذكرناه فيما مضى، والتناسب بين هذه الأبواب الثلاثة أعني باب صلاة العيد والكسوف والاستسقاء ظاهر وأوردها حسب رتبها، وقدم العيد لكثرة وقوعها، وكذلك قدم الكسوف على الاستسقاء لهذا، ولأن للإنسان حالتين حالة السرور والفرح، وحالة الحزن والفزع، فقدم حالة السرور على حالة الفزع.

يقال: كسفت الشمس والقمر، بفتح السين فيهما، وكسفا على ما لم يسم فاعله، وانكسفا الكسوف اللازم، والكسف المتعدي، وأخسفا وانخسفا فهي ست لغات في الشمس والقمر وقيل الكسوف أوله والخسوف آخره فيهما، لأنه يقال انخسفت الأرض إذا ساحت ما عليها، وهو أقوى من الكسف.

قال النووي: وقد جاءت اللغات الست في " الصحيحين " والأشهر في سنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر وهو الأفصح، وقيل: لا يقال في الشمس إلا خسف، وفي القمر إلا كسف، والقرآن يرده، وقيل الخسوف في الكل، والكسوف في القمر فقط، وقال الليث: الخسوف فيهما والكسوف في الشمس فقط، وقال ابن دريد: خسف القمر وانكسفت الشمس، وقال الفراء في " الأجود ": كسفت الشمس وخسف القمر، وقيل العكس، وقيل: هما سواء، وقيل: الكسوف تغير لونها والخسوف تغيبها في السواد.

وأصل الكسوف التغير، ومنه كسف البال أي تغير الحال، والخسوف الذهاب بالكلية، ومنه قَوْله تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: ٨١] ، ولما كان القمر يذهب ضوؤه كان أولى بالخسف.

قال شمس الأئمة السرخسي في " المبسوط ": عاب أهل الأدب على محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في لفظه كسوف على القمر، وقالوا: إنما يقال خسوف القمر، كقوله وخسف القمر، قال: قلنا الكسوف ذهاب دائرته، والخسوف ذهاب دون دائرته، وقيل: الكسوف والخسوف تغيره والخسوف ذهاب لونه.

قلت: قد مر أن الكسوف والخسوف فيهما لا يعاب عليه، وقال السغناقي: كسفت الشمس كسوفا ويكسفها الله كسفا يتعدى ولا يتعدى، قال الشاعر:

الشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمر

<<  <  ج: ص:  >  >>