للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الزكاة

ــ

[البناية]

[كتاب الزكاة]

م: (كتاب الزكاة) ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الزكاة وقرنها بالصلاة تناسيا وإقتداء بما ذكر الله تعالى في آي من القرآن في قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] (البقرة: الآية ٤٣) . وكذلك في السنة: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة....» .

وأما تقدم الصلاة عليها فلأنها جنس لمعنى في نفسها بدون الواسطة، والزكاة ملحقة بها في أنها جنس لمعنى في نفسها لكن بالواسطة، فكانت هي أحط رتبة من الصلاة، ويقال: وجه مقارنتها بالصلاة: هو أن سبب وجوب العبادة نعم الله تعالى، والنعمة بدنية ومالية، والنعمة البدنية أعظهما وأتمها فكان صرف عناية المكلف إلى تعميمها أحق، والعبادة المالية بذريعة المال، ولهذا سمى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة عماد الدين، والزكاة فطرة الإسلام، فاقتضت حكمة الله تعالى تقديم الصلاة على الزكاة، وجعلت الزكاة ثانية الصلاة للآية المذكورة.

ثم لفظ الزكاة اسم المصدر - أعني التزكية - يقال: زكى ماله تزكية إذا أدى عنه زكاته، وأصل مادته يأتي لمعان بمعنى الطهارة، قال الله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً} [مريم: ١٣] (مريم: الآية ١٣) ، أي طهارة، وقال الله تعالى: {وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: ١٠٣] (التوبة: الآية ١٠٣) أي تطهرهم، وبمعنى النماء يقال: زكى الزرع إذا نمى، وقال الجوهري: زكى الزرع يزكو زكاة ممدودة أي نما، وأزكاه الله تعالى.

وبمعني النعم، قال الأموي: زكى الرجل يزكو زكا زكوا إذا تنعم وكان في خصب. وبمعنى آخر يقال: هذا الأمر لا يزكو بفلان، أي لا يليق به، وبمعنى آخر يقال: تزكى الرجل أي تصدق، وبمعنى هذا المدح يقال: زكى نفسه، قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢] (النجم: ٣٢) ، وبمعنى الثناء الجميل ومنه زكى الثناء فمخرج الزكاة يحصل للثناء الجميل، وزكاة الناقة بولدها إذا أدبرت به بين رجليها، وسميت صدقة؛ لدلالتها على صدق العبد في العبودية إذا أداها لأنها على النفس أشق.

وأما معناه الشرعي فقد قال الشيخ قوام الدين الكاكي: وشرعا عند المحققين من أصحابنا إيتاء جزء مقدر من النصاب الحولي إلى الفقير لله تعالى.

قلت: هذا يحتاج إلى قيد آخر وهو أن يقال: إلى الفقير غير الهاشمي، وقيل: الزكاة اسم للمال المؤدى؛ لأنه تعالى أمرنا بإيتاء الزكاة، والمراد بالإيتاء إخراجها من العدم إلى الوجود. وقال السغناقي: قال المحققون من أصحابنا: إن الزكاة في عرف الشرع اسم لفعل الأداء بدليل

<<  <  ج: ص:  >  >>