للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل فيما يوجبه على نفسه وإذا قال: لله علي صوم يوم النحر أفطر، وقضى، فهذا النذر صحيح عندنا خلافا لزفر والشافعي - رحمهما الله - هما يقولان: إنه نذر بما هو معصية؛ لورود النهي عن صوم هذه الأيام

ــ

[البناية]

[فصل فيما يوجبه على نفسه من الصيام] [حكم نذر صيام يوم النحر]

م: (فصل فيما يوجبه على نفسه) ش: أي هذا فصل في بيان حكم ما يوجبه الشخص على نفسه، ولما فرغ من بيان ما يوجبه الله تعالى شرع في بيان ما يوجبه العباد على أنفسهم، إذ إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى، وفي " النهاية " و " الأصل " ما ذكره شيخي أن النذر لا يصح إلا بثلاث شرائط في الأصل إلا إذا قام الدليل على خلافه، أحدها: أن يكون الواجب من جنس ما أوجبه الله تعالى. والثاني: أن يكون مقصوداً لا وسيلة، والثالث: أن لا يكون واجبا عليه في الحال أو بيان الحال، فلذلك لا يصح النذر بعيادة المريض لانعدام الشرط الأول، ولا بالضوء وسجدة التلاوة لانعدام الشرط الثاني، ولا بصلاة الظهر وغيرها من المفروضات لانعدام الشرط الثالث.

فإن قلت: يشكل على هذا النذر بالحج ماشياً. والاعتكاف وإعتاق الرقبة حيث تجب هذه الأشياء بالنذر، مع أن الحج بصفة المشي غير واجب شرعاً، وكذلك نفس الاعتكاف من غير مباشرة بسبب يوجب الاعتكاف غير واجب وكذلك الإعتاق.

قلت: هذه الصور من المستثنى الذي قام الدليل على وجوبه، بخلاف القياس.

م: (وإذا قال: لله علي صوم يوم النحر أفطر) ش: لأن الصوم فيه منهي عنه م: (وقضى) ش: لأن مشروعية الصوم لا تفصل بين صوم وصوم، فالصوم في ذاته عبادة، لأن فيه إظهار الخضوع لله عز وجل وتعظيمه، ولكن تعلق بصوم هذا اليوم نهي يجب امتثاله م: (فهذا النذر صحيح عندنا) ش: لكونه نذراً بما هو مشروع فيجب القضاء صيانة له م: (خلافا لزفر والشافعي - رحمهما الله -) ش: ومالك وأحمد وهو قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية ابن المبارك عنه، وقال مالك لو نذر صوم يوم قدوم فلان، فقدم يوم العيد، قال ابن عبد الملك يقضيه وبه قال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرة.

م: (هما) ش: أي زفر والشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - م: (يقولان إنه نذر) ش: أي هذا نذر م: (بما هو معصية لورود النهي عن صوم هذه الأيام) ش: وهو يوم العيدين وأيام التشريق، وأشار بهذا إلى حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخرجه البخاري ومسلم «عن عبيد قال: شهدت العيد مع عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن صيام هذين اليومين، وأما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>