للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه، وعليه بدنة. خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيما إذا جامع قبل الرمي لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «من وقف بعرفة فقد تم حجه» وإنما تجب البدنة لقول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أو لأنه أعلى أنواع الارتفاق فيتغلظ موجبه.

وإن جامع بعد الحلق فعليه شاة لبقاء إحرامه في حق النساء دون لبس المخيط، وما أشبهه فخفت الجناية فاكتفى بالشاة. .

ــ

[البناية]

[حكم من جامع بعد الوقوف بعرفة]

م: (ومن جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه، وعليه بدنة. خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيما إذا جامع قبل الرمي) ش: فإن عنده إذا جامع قبل الرمي يفسد حجه، والمراد بالرمي رمي جمرة العقبة وبعد الرمي لا يفسد، لأنه عنده محلل، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - م: (لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «من وقف بعرفة فقد تم حجه» ش: هذا دليل لنا، وليس للشافعي، وأخرج أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم من «حديث عبد الرحمن بن معمر شهدت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو واقف بعرفات وأتاه ناس من أهل نجد فقالوا يا رسول الله كيف الحج، قال: عرفة من جاء قبل الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه» لفظ أحمد. وفي رواية لأبي داود: «من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج» . وفي رواية للدارقطني والبيهقي: «الحج عرفة» .

م: (وإنما تجب البدنة لقول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ش: هذا جواب عما يقال إذا لم يفسد الحج بالجماع بعد الوقوف لكونه أثر الغفران، فكان ينبغي أن لا يجب شيء بعد تمامه لا يقبل الجناية فلا يقتضي جزاء، وتقدير الجواب أن وجوب البدنة لقول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو ما رواه مالك في " الموطأ " عن ابن الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه سئل عن رجل واقع وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة م: (أو لأنه) ش: أي أو لأن الجماع م: (أعلى أنواع الارتفاق فيتغلظ موجبه) ش: بفتح الجيم لوجوب التطابق بين الموجب بمقتضى الحكم.

وقال الأكمل قيل إنما ذكر بكلمة أو ليكون أثر ابن عباس هذا غير مشهور، فأتى بها ليكون متمسكاً بأحدهما، قال وفيه نظر؛ لأن المطلوب إثبات الوجوب وهو ثبت بخبر الواحد، ولا يتوقف على الاشتهار، انتهى.

قلت: إن لم يتوقف على الاشتهار يتوقف على صحة طريقه فإذا اشتهر ثبت صحة الفرض فضلاً عن ثبوت الواجب.

م: (وإن جامع بعد الحلق فعليه شاة لبقاء إحرامه في حق النساء دون لبس المخيط، وما أشبهه فخفت الجناية فاكتفى بالشاة) ش: وفي " المنافع " وإن جامع بعد الحلق هكذا وقع في عامة النسخ، وفي بعض النسخ قبل الحلق فإن كانت الرواية قبل الحلق فلأنه محرم بعد الوقوف، وإن كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>