للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والمعاني الموجبة للغسل:

ــ

[البناية]

عجبا لابن عمرو هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضهن رؤوسهن أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن فقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من إناء واحد وما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات» . وفي " المبسوط " وغيرها بلغها عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مكان ابن عمرو وليس بصحيح، وإنما هو التباس وفي " الخلاصة " وفي شعر الرجال يفترض إيصال الماء إلى المترسل وإيصال الماء إلى البشرة فرض. وذكر الفقيه أبو الليث من اغتسل من الجنابة ينبغي أن يدخل أصبعه في سرته مبالغة في إيصال الماء إلى ما ظهر من بدنه، فإن لم يفعل إن علم أنه وصل إليها أجزأه وإلا فلا.

[[المعاني الموجبة للغسل]]

م: (قال) ش: أي القدوري م: (والمعاني الموجبة للغسل) ش: أي العلل التي توجب الغسل، واختار لفظ المعاني لكون العلل من ألفاظ الفلاسفة وقد كره العلماء استعمالها وقد تقدم هذا فيما مضى ورد هذا بأن الأصوليين من أهل السنة استعملوا لفظ العلة والعلل في كتبهم كما قالوا استعارة العلة للمعلول وفي تخصيص العلة وتقسيمها إلى ما هو علة معنى وحكما واسما وغير ذلك، فإن كان استعمال هذا اللفظ مما يجتنب فينبغي أن يجتنب في جميع المواضع، ولكن الأولى أن يقال إنما استعمل لفظ المعاني اتباعا للسنة لورودها بلفظ المعاني في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى معان ثلاث» ، أراد بها العلل، ولهذا يأت بالباء. وقال الأترازي: قال بعض الشارحين: هذه معان موجبة للجنابة لا للغسل على المذهب الصحيح من علمائنا فإنها تنقضه فكيف توجبه.

قلت: أراد السغناقي فإنه قال في شرحه في هذا الموضع هكذا، ثم قال الأترازي لا شك أن معنى قوله المعاني الموجبة للغسل تجب لهذه المعاني على طريق البدل على معنى أن أي معنى من هذه المعاني إذا وجد يجب به الغسل فإن تجتمع العلة والمعلول بلا نقض. والذي قاله الشراح إنما يتوجه إذا كانت هذه المعاني موجبة لوجود الغسل لا لوجوبه ولم يتقيد المصنف بالوجود حتى يورد عليه مثلها. قلت: التحقيق في هذا الكلام أن العلل الشرعية لا تكون موجبة بذواتها، فإنما الموجب للحكم هو الله تعالى إلا أن ذلك الإيجاب غيب عنا في حقنا، وجعل الشرع الأسباب التي يمكننا الوقوف عليها علة لوجوب الحكم في حقنا تيسيرا علينا، ثم إن هذه العلل الثلاث موجبة للجنابة والجنابة موجبة للغسل فيكون المعاني الموجبة علة العلة، فكما أن الحكم يضاف إلى العلة يضاف إلى علة العلة. وذكر في " مبسوط شيخ الإسلام " أن سبب وجوب الاغتسال إرادة ما لا يحل فعله بسبب الجنابة.

وأجاب الأكمل: بسبب الجنابة واجبا بما لا يحل عن هذا بقوله ورد بأن الغسل يجب بأحد المعاني المذكورة سواء وجدت الإرادة أو لم توجد. قلت: هذا جواب الأترازي في شرحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>