للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عليه ذلك، ولو لم يفعل لا شيء عليه؛ لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حلق عام الحديبية، وكان محصرا بها وأمر أصحابه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بذلك. ولهما أن الحلق إنما عرف قربة مرتبا على أفعال الحج فلا يكون نسكا قبلها، وفعل النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وأصحابه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ليعرف استحكام عزيمتهم على الانصراف.

قال: وإن كان قارنا بعث بدمين لاحتياجه إلى التحلل من إحرامين

ــ

[البناية]

الحلق، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، ومالك وأحمد - رحمهما الله - في رواية، وفي " الكافي ": المراد من قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذلك، أي الحلق استحبابًا لا وجوبًا، بدليل قوله. م: (ولو لم يفعل) ش: أي الحلق. م: (لا شيء عليه) ش:

فإن قلت: لا مطابقة بين الدليل والمدلول؛ لأن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أمره فيما قربه دليل الوجوب، فكيف يصح دليلًا على قول: ولو لم يفعل لا شيء عليه.

قلت: عن أبي يوسف روايتان في المسألة، في رواية: يجب الحلق، وفي رواية: لا يجب، ذكره المحبوبي، والمصنف ذكر دليل رواية الوجوب فقط، وقيل: لا؛ لأن ترك الواجب يوجب الدم، وترك السنة يوجب الإساءة، ولم يذكر واحدًا من الأمرين. وفي " مبسوط شيخ الإسلام " - رَحِمَهُ اللَّهُ - على هذه الرواية: لا يتحقق الخلاف، وإنما يتحقق على ما روي في " النوادر " أن عليه الحلق، وإن لم يحلق فعليه دم.

م: (لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: أي لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م: (حلق عام الحديبية، وكان محصرا بها وأمر أصحابه بذلك) ش: أي بالحلق، والحديث صحيح، رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما عن ابن عمر، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ ولأن الإحصار يمنع من الطواف والسعي، ولم يمنع من الحلق فما منع سقط للضرورة، وما لم يمنع لم يسقط لعدم الضرورة.

م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد. م: (أن الحلق إنما عرف قربة مرتبا على أفعال الحج فلا يكون نسكا قبلها) ش: أي قبل أفعال الحج، ولم توجد أفعال الحج، فلا تكون قربة؛ ولأن الحلق من توابع الإحرام قد يؤمر به المحصر كالرمي. م: (وفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه) ش: هذا جواب عما تمسك به أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - بيانه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أحصر بالحديبية صالح مع كفار قريش أن يعتمر في العام القابل، وكان رأي أصحابه أن يحاربوهم ويعتمروا من عامهم ذلك، فحلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمر أصحابه بذلك. م: (ليعرف استحكام عزمهم على الانصراف) ش: أي على الرجوع؛ لأن حكم الله كان في الرجوع لا لأجل أن الحلق واجب.

[[ما يفعل المحصر لو كان قارنا]]

م: (قال: وإن كان) ش: أي المحصر. م: (قارنا بعث بدمين لاحتياجه إلى التحلل من إحرامين) ش: وعند الشافعي، ومالك، وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يكفيه دم. م: (فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن

<<  <  ج: ص:  >  >>