للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه القياس - وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه قدر على الأصل وهو الحج قبل حصول المقصود بالبدل، وهو الهدي. وجه الاستحسان أنا لو ألزمناه التوجه لضاع ماله؛ لأن المبعوث على يديه الهدي ليذبحه ولا يحصل مقصوده، وحرمة المال كحرمة النفس، وله الخيار إن شاء صبر في ذلك المكان أو في غيره؛ ليذبح عنه فيتحلل، وإن شاء توجه ليؤدي النسك الذي التزمه بالإحرام وهو أفضل؛ لأنه أقرب إلى الوفاء بما وعد.

ومن وقف بعرفة ثم أحصر لا يكون محصرا؛ لوقوع الأمن عن الفوات.

ــ

[البناية]

إذا وجد الماء في خلال الصلاة، وكالمريض إذا قدر على الوطء في مدة الإيلاء يبطل الفيء باللسان، وكالمكفر بالصوم إذا أيسر قبل إتمام الكفارة.

م: (وجه الاستحسان أنا لو ألزمناه التوجه لضاع ماله؛ لأن المبعوث على يديه الهدي ليذبحه) ش: أي لأجل أن يذبحه، وهو جواب أن، وفي غالب النسخ: يذبحه بدون اللام. م: (ولا يحصل مقصوده) ش: أي مقصود المحصر. م: (وحرمة المال كحرمة النفس) ش: يعني كما أن خوف النفس عذر في التحلل، فكذلك الخوف على المال.

فإن قلت: هذا الذي ذكره المصنف أن حرمة المال كحرمة النفس مخالف لما قال فخر الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والأصوليون أن حرمة المال فجاز أن يكون وقاية النفس، فإذا أكره بالقتل على إتلاف مال غيره جاز الإقدام عليه.

أجيب: بأن حرمة النفس فوق حرمة المال حقيقة؛ لأنه مملوك ليستدل، فإنه يماثل المالك المستقل، ولكن حرمة المال تشبه حرمة النفس من حيث كون إتلافه ظلمًا لقيام عصمة صاحبه فيه، وإلى هذا أشار المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - بكاف التشبيه، فإن المشابهة بهذين الشيئين لا يقتضي اتحادهما من جميع الجهات، وإلا لارتفع التشبيه، ولو خاف على نفسه لا يلزمه التوجه، فكذا إذا خاف على ماله؛ لأنه ينبغي أن يضمن المبعوث على يده بالذبح لفوات مقصود المحصر، ولا وجه لإيجاب الضمان عليه لوجود الإذن.

م: (وله الخيار إن شاء صبر) ش: هذا على وجه الاستحسان، يعني لما جاز له التحلل استحسانًا كان له الخيار إن شاء صبر. م: (في ذلك المكان أو في غيره؛ ليذبح عنه) ش: بهديه الذي بعثه. م: (فيتحلل، وإن شاء توجه ليؤدي النسك الذي التزمه بالإحرام وهو الأفضل) ش: أي التوجه أفضل. م: (لأنه أقرب إلى الوفاء بما وعد) ش: وهو الحج؛ لأنه شرع فيه ووعد أداءه بقوله: اللهم إني أريد الحج، وأيضًا التوجه عمل بالعزيمة والتحلل رخصة.

[[حكم من وقف بعرفة ثم أحصر]]

م: (ومن وقف بعرفة ثم أحصر لا يكون محصرا؛ لوقوع الأمن عن الفوات) ش: أي لا يتحلل بالهدي عندنا، وبه قال مالك، وعند الشافعي، ومحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: لو أحصر عن طواف الزيارة، ولقاء البيت يكون محصرًا لإطلاق قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] (البقرة: الآية ومن أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف، فهو محصر؛ لأنه تعذر عليه الإتمام؛ فصار كما إذا أحصر في الحل. وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر، أما على الطواف فلأن فائت الحج يتحلل به، والدم بدل عنه في التحلل، وأما على الوقوف فلما بينا

<<  <  ج: ص:  >  >>