للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: أنت طالق إن لم أطلقك لم تطلق حتى يموت، لأن العدم لا يتحقق إلا باليأس عن الحياة، وهو الشرط كما في قوله: إن لم آت البصرة، وموتها بمنزلة موته، هو الصحيح. ولو قال: أنت طالق إذا لم أطلقك أو إذا ما لم أطلقك لم تطلق حتى يموت، عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقالا: تطلق حين سكت، لأن كلمة إذا للوقت، قال الله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: ١] (التكوير الآية١) : " وقال قائل:

وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

ــ

[البناية]

[قال أنت طالق إن لم أطلقك]

م: (ولو قال: أنت طالق إن لم أطلقك لم تطلق حتى يموت، لأن العدم) ش: أي عدم التطليق م: (لا يتحقق إلا باليأس عن الحياة، وهو الشرط) ش: أي اليأس عن الحياة هو الشرط، فإذا انتهى إلى الموت وقد وجد اليأس فوجد الشرط، والمحل قائم والملك باق، فوقع قبل موته بقليل وليس لذلك القليل حد معروف باتفاق الفقهاء، ثم إن كان دخل بها فلها الميراث بحكم القرار عندنا خلافًا للشافعي، وإن لم يدخل بها فلا ميراث لها م: (كما في قوله: إن لم آت البصرة) ش: يعني كما إذا قال لها أنت طالق إن لم آت البصرة لا يقع الطلاق، حتى يقع الإياس عن الإتيان، فإذا انتهى إلى الوقت فقد وقع اليأس فوجد الشرط فوقع.

م: (وموتها بمنزلة موته) ش: أي موت الزوج يعني يقع الطلاق قبل موتها أيضًا م: (هو الصحيح) ش: احترازًا عن رواية النوادر، فإنه قال فيها لا يقع الطلاق بموتها، وفائدة وقوع الطلاق عليها بعد موتها أن لا يرث الزوج منها، لأنها بانت قبل الموت فلا تبقى بينهما واجبته عند الموت، وشرط التوريث هذا وقد عدم.

م: (ولو قال: أنت طالق إذا لم أطلقك أو إذا ما لم أطلقك لم تطلق حتى يموت، عند أبي حنيفة) ش: وبه قال أحمد في رواية م: (وقالا تطلق حين سكت) ش: وبه قال الشافعي ومالك م: (لأن كلمة " إذا " للوقت، قال الله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: ١] ش: (التكوير) استدلالهم بهذه الآية ضعيف، فإن إذا فيها للشرط، ولهذا أتى فيها بالجواب، وهو قَوْله تَعَالَى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار: ٥] (الانفطار: الآية ٥) والشمس مرفوعة بالفاعلية رافعة فعل مضمر، تفسيره كورت بكذا، ذكره الزمخشري، ورفعه بالفاعلية مذهبه، وغيره يرفعه بالفعل المقدر أو المفسر على أنه مفعول ما لم يسم فاعله.

وقال قائل:

وإذا تكون كريهة أدعى لها ... إذا يُحاسُ الحيس يدعى جندب

ولم يبين المصنف قائل هذا البيت من هو، وعزاه الكاكي إلى عنترة العبسي وليس بصحيح، وعزاه سيبويه إلى رجل من مذحج، وقال أبو رياش: قائله همام بن مرة أخو جناس بن مرة قاتل كليب، وزعم ابن الأعرابي أنه لرجل من بني عبد مناف قبل الإسلام بخمسمائة عام، وذكر هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>