للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لبث على حاله ساعة حنث، لأن هذه الأفاعيل لها دوام بحدوث أمثالها، ألا ترى أنه يضرب لها مدة يقال ركبت يوما ولبثت يوما، بخلاف الدخول لأنه لا يقال دخلت يوما يعني المدة والتوقيت،

ولو نوى الابتداء الخالص يصدق، لأنه محتمل كلامه. قال: ومن حلف لا

ــ

[البناية]

قلت: اليمين ثمة منعقدة للبر أيضًا للإمكان، لكن لعجز الظاهر انتقل الحكم إلى الحلف، وهو الكفارة م: (فإن لبث على حاله ساعة حنث، لأن هذه الأفاعيل) ش: وهو اللبس والركوب والسكنى م: (لها دوام بحدوث أمثالها) ش: أي يتحدد أمثالها بدليل صحة ضرب المدة، وهو معنى قوله م: (ألا ترى أنه يضرب لها مدة يقال لبثت يومًا وركبت يومًا) ش: فكان للدوام حكم الابتداء فيحنث الآن يعني الابتداء الخالص، فحينئذ لا يحنث باللبس.

م: (بخلاف الدخول، لأنه لا يقال دخلت يومًا يعني المدة والتوقيت) ش: إنما قيد بمعنى المدة والتوقيت احترازًا عما يقال في مجاري كلامهم دخلت عليه يومًا، قال إلى كذا وكذا خرجت عنه يومًا قال: إلى كذا، وإقرار الدخول باليوم، لكن يراد به مطلق الوقت، ولا يراد به مضي المدة والتوقيت.

واعلم أن الأفعال على ضربين، ضرب يقبل الابتداء وضرب لا يقبله، والفاصل بينهما قبول التوقيت وعدمه، قيل التوقيت قبل الامتداد وما لا فلا، والاستدامة على الممتد بمنزلة الإنشاء. قال الله تعالى: {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨] (الأنعام: الآية ٦٨) ، أي: فلا تمكث قاعدًا، لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعظ الناس قاعدًا، وعلى هذا قالوا: إذا قال لها: كلما ركبت فأنت طالق فمكث ساعة يمكنها النزول فيها طلقت، وإن مكثت مثلها طلقت أخرى، لأن للدوام حكم الابتداء وكلمة كلما تعم الأفعال تفكر الجزاء بتكسر الشرط، ولو نص بما قال: كلما ركبت دابة فعلي أن أتصدق بدرهم فركب دابة فعليه درهم وإن طال مكثه في الركوب. وإن كان ما ذكرتم صحيحًا لزمه أكثر من ذلك.

وأجيب بأن الاستدامة فيما يمتد بمنزلة الإنشاء إذا لم يكن الإنشاء الخالص مرادًا ولهذا قلنا في هذا الفصل إذا كان راكبًا وقت اليمين لزمه في كل وقت يمكنه النزول والركوب درهم لكون الإنشاء الخالص غير مراد.

[[حلف لا يسكن هذه الدارفخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها]]

م: (ولو نوى الابتداء الخالص) ش: أي لا بقوله: ألبس بعد النزع ولا أركب بعد النزول م: (يصدق) ش: فلا يحنث م: (لأنه محتمل كلامه) ش: سماه محتمل، وإن كان قوله: لا يركب حقيقة في الابتداء، لأنه حقيقة فيه إذا لم يكن راكبًا، أما إذا كان راكبًا في الابتداء من محتملاته. وقال تاج الشريعة: لا يحنث لأنه قد يكون من حيث الابتداء، وقد يكون من حيث الدوام.

وقد يكون كلما بلفظ اللبس، فيكون ناويًا بتخصيص ما في لفظه، فصحت النية. م: (قال) ش: أي قال القدوري: م: (ومن حلف لا يسكن هذه الدار) ش: وهو متأهل بدليل قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>