للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا لا قليلا ولا كثيرا، ولا يعقل الرجل من المرأة، وقال العبد الضعيف: وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقالا: هو الذي يهذي ويختلط كلامه؛ لأنه هو السكران في العرف، وإليه مال أكثر المشايخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

ــ

[البناية]

فإذا كان كذلك صارت البدلية والنسيان شبهة، فلم يسمع شهادتين في باب الحدود؛ لأنها تندرئ بالشبهات كالشهادة لا تسمع في باب الحدود، يؤيده ما روي عن الزهري أنه قال: مضت السنة من لدن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في باب الحدود والقصاص.

[[صفة السكران الذي يحد]]

م: (والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا) ش: قال الجوهري: المنطق الكلام، وقد نطق منطقا وأنطقه غيره م: (لا قليلا ولا كثيرا) ش: أي: لا منطقا قليلا ولا منطقا كثيرا م: (ولا يعقل الرجل من المرأة) ش: وفي الفوائد الظهيرية: ولا يعرف الأرض من السماء.

م: (وقال العبد الضعيف) ش: أي المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (وهذا) ش: أي المذكور في حد السكران م: (عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: إنما بين الخلاف بقوله لأن المذكور أولا من مسائل " الجامع الصغير " ولم يذكر فيه الخلاف.

م: (وقالا) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (هو) ش: أي السكران م: (الذي يهذي) ش: بفتح الياء وسكون الهاء وكسر الذال المعجمة. قال الجوهري: هذا في منطقه يهذي ويهذو هذوا وهذيا. قلت: الهذيان كلام محيط مختلط من غير أن يفيد شيئا م: (ويخلط كلامه) ش: يصلح أن يكون تفسيرا مميزا لقوله: يهذي م: (لأنه) ش: أي لأن الهذي يهذي ويخلط كلامه م: (هو السكران في العرف) ش: أي في عرف الناس وعادتهم، وبه قال الشافعي وأحمد ومالك وأبو ثور - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. وإن كان نصف كلامه هذيانا، ونصفه مستقيما فليس بسكران م: (وإليه) ش: أي إلى قولهما م: (مال أكثر المشايخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -) ش: كذا في " المبسوط " واختاره للفتوى.

وعن بشر بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سألت أبا يوسف: من السكران الذي عليه الحد؟ قال: يستقرأ أن يقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] ولا يقدر عليه.

فقلت له: غير هذه السورة، وربما أخطأ فيه الصاحي، قال: لأن الله تعالى بين الذي عجز عن قراءة هذه السورة سكران؛ لأن واحد من الصحابة صلى بالناس قبل تحريم الخمر وكان سكران، وقرأ هذه السورة، بخلاف ما أنزلت، فنزل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] (النساء: الآية ٤٣) ، فثبت أنه إذا عجز عن قراءة هذه السورة عرف أنه سكران.

كذا ذكره الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ -، يدل عليه ما حدثه الترمذي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " جامعه " بإسناده إلى [أبي سلمة بن] عبد الرحمن السلمي «عن علي بن أبي طالب رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>