للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف الكافر؛ لأن نفس الكفر مبيح عنده. ولنا أن الحكم يدار على الدليل وهو الاجتماع والامتناع، وهذا لأنه لو انتظر الإمام حقيقة قتالهم وربما لا يمكنه الدفع، فيدار الحكم على الدليل ضرورة دفع شرهم.

وإذا بلغه أنهم يشترون السلاح، ويتأهبون للقتال ينبغي أن يأخذهم ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك، ويحدثوا توبة دفعا للشر بقدر الإمكان. والمروي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - من لزوم البيت محمول على حال عدم الإمام.

ــ

[البناية]

سمى البغاة مؤمنين م: (بخلاف الكافر؛ لأن نفس الكفر مبيح عنده) ش: أي عند الشافعي، يعني أن علة إباحة القتال وهي الكفر عنده، وعندنا العلة هو الخراب.

م: (ولنا أن الحكم يدار على الدليل) ش: أي دليل القتال م: (وهو الاجتماع والامتناع) ش: يعني إذا اجتمعوا فصارت لهم منعة دفعهم بالقتال.

م: (وهذا) ش: يعني دوران الحكم على الدليل م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (لو انتظر الإمام حقيقة قتالهم، وربما لا يمكنه الدفع) ش: أي دفعهم بحصول الشوكة لهم والقوة على المؤمنين، فإذا كان الأمر كذلك م: (فيدار الحكم على الدليل) ش: أي دليل قتالهم وهو شجرهم واجتماعهم م: (ضرورة) ش: أي لأجل الضرورة م: (دفع شرهم) ش: وفي " المبسوط " و " الإيضاح ": فحالهم في ذلك كحال المرتدين وأهل الحرب الذين بلغتهم الدعوة.

ولهذا يجوز قتالهم بكل ما يجوز قتال أهل الحرب به كالرمي بالنبل والمنجنيق وإرسال الماء والنار عليهم والبيان بالنبل؛ لأن قتالهم حينئذ فرض كقتال أهل الحرب والمرتدين. وعند الأئمة الثلاثة قتالهم بالمنجنيق وإرسال الماء والنار لا يجوز إلا إذا لم يندفعوا بدونه.

[[إعانة الإمام الحق على قتال البغاة]]

م: (وإذا بلغه) ش: أي الإمام م: (أنهم) ش: أي أن البغاة م: (يشترون السلاح ويتأهبون للقتال ينبغي أن يأخذهم) ش: أي الإمام م: (ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك) ش: أي حتى يمتنعوا عما قصدوه، ويقلعوا بضم الياء من الإقلاع وهو الامتناع، ومنه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أقلعوا عن المعاصي قبل أن يأخذكم الله» م: (ويحدثوا توبة) بضم الياء، أي يحدثوا توبة عما هم فيه م: (دفعاً للشر بقدر الإمكان) ش: أي لأجل دفع شرهم بحسب إمكانهم.

م: (والمروي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - من لزوم البيت محمول على حال عدم الإمام) ش: بيان ذلك أن الشيخ أبا الحسن الكرخي قال في مختصره: قال الحسن بن زياد وقال أبو حنيفة: إذا وقعت الفتنة بين المسلمين فينبغي للرجل أن يعتزل الفتنة ويلزم بيته ولا يخرج في الفتنة، لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من فر من الفتنة أعتق الله رقبته من النار» .

وقال المصنف: هذا محمول على حال عدم الإمام الداعي إلى القتال، أما إذا كان المسلمون مجتمعين على إمام كانوا آمنين به وإسلامه، فخرج عليه طائفة من المؤمنين فحينئذ يجب على كل

<<  <  ج: ص:  >  >>