للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا حكم لزمهما لصدور حكمه عن ولاية عليهما، وإذا رفع حكمه إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه، لأنه لا فائدة في نقضه ثم في إبرامه على ذلك الوجه. وإن خالفه أبطله؛ لأن حكمه لا يلزمه لعدم التحكيم منه.

ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص،

ــ

[البناية]

م: (وإذا حكم) ش: أي المحكم م: (لزمهما) ش: أي لزم المحكمين ما حكم به م: (لصدور حكمه) ش: أي حكم المحكم م: (عن ولاية عليهما) ش:، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول مالك، وأحمد عن الشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لا بد من تراضيهما بعد الحكم، وهو اختيار المزني م: (وإذا رفع حكمه) ش: أي حكم المحكم م: (إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه، لأنه لا فائدة في نقضه) ش: أي في نقض القاضي حكم هذا المحكم م: (ثم في إبرامه) ش: أي في حكمه قطعا م: (على ذلك الوجه) ش: أي الوجه الذي حكم به المحكم، وفائدة إمضاء الحاكم المحكم أنه لو رفع أي حاكم يخالف مذهبه، لم يتمكن من نقضه ولم يمضه لتمكن، لأن إمضاء الأول بمنزلة حكم نفسه.

م: (وإن خالفه أبطله) ش: أي وإن خالف حكم المحكم من مذهب الحاكم الذي رفع إليه أبطل حكم المحكم م: (لأن حكمه) ش: أي حكم المحكم م: (لا يلزمه) ش: أي لا يلزم الحاكم م: (لعدم التحكيم منه) ش: أي من المحكم بخلاف حكم الحاكم، فإنه لا يبطله الثاني، وإن خالف مذهبه لعموم ولايته، فكان قضاؤه حجة في حق الكل، فلا يجوز لقاض آخر أن يرده، وعند مالك وابن أبي ليلى - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: حكم المحكم في المجتهدات نافذ كالمولى فلا يبطله وإن خالف رأيه إلا أن يكون جورا بينا لم يختلف فيه أهل العلم.

[[التحكيم في الحدود والقصاص]]

م: (ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص) ش: هذا مذهب الخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإنه قال: التحكيم لا يجوز في الحدود والقصاص، واختاره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "مختصره "، وكذلك اختاره المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

والمراد بالحدود: التي هي الواجب حقا لله تعالى. وأما في حد القذف والقصاص فقد اختلفت الروايات فيهما، فقال شمس الأئمة السرخسي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح أدب القاضي ": من أصحابنا من قالوا: إنه يجوز هذا في الحدود الواجبة لله تعالى؛ لأن الإمام هو المتعين لاستيفاء حقوق الله تعالى.

وأما في القصاص وحد القذف فيجوز التحكيم؛ لأن الاستيفاء إليها. وفي " الذخيرة "، يجوز التحكيم في القصاص؛ لأنه من حقوق العباد. وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يجوز. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز في غير الأموال وما في معناها، وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - حتى لا يجوز في حد ولا في لعان ولا في قصاص أو قذف أو طلاق أو عتاق أو

<<  <  ج: ص:  >  >>