للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الشهادة من باب الولاية، وهو لا يلي نفسه فأولى أن لا تثبت له الولاية على غيره

ولا المحدود في القذف وإن تاب؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] م: (النور الآية: ٤) ولأنه من تمام الحد لكونه مانعا، فيبقى بعد التوبة كأصله

ــ

[البناية]

وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: أقبل شهادة العبيد بعضهم على بعض، ولا أقبلها على حر.

وعن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه يقبل على الأحرار والعبيد، وبه قال عثمان البتي - وإسحاق - وأحمد وداود - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وعن الشعبي والنخعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أنهما قالا: تقبل في القليل دون الكثير.

ولا تقبل شهادة الصبيان عندنا، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأحمد وعامة العلماء، وعن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تقبل شهادة الصبيان في الجراح إذا كانوا قد اجتمعوا لأمر مباح قبل أن يتفرقوا.

وروي ذلك عن ابن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وعن أحمد رواية أيضاً، وعن مالك: أنه يقبل في كل شيء لإطلاق النصوص، والعبد أو الصبي عدل، قلنا: الشهادة من باب الولاية، ولا ولاية لهما على أنفسهما، ففي غيرهما أولى، إلا أن يؤديا في الحرية والبلوغ ما تحملا قبلهما؛ لأنهما من أهل الولاية عند الأداء، وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -.

م: (لأن الشهادة من باب الولاية) ش: لأنها تنفذ القول على الغير م: (وهو) ش: أي العبد م: (لا يلي على نفسه، فأولى أن لا تثبت له الولاية على غيره) ش: وقال الخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " أدب القاضي ": حدثنا عبد الله بن محمد، قال حدثنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن عطاء، عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: لا تجوز شهادة العبد

[[شهادة المحدود في القذف]]

م: (ولا المحدود في القذف وإن تاب) ش: أي ولا تقبل أيضاً شهادة المحدود في القذف.

وقوله: " وإن تاب " واصل بما قبله م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] (النور: الآية ٤)) ش: وجه الاستدلال أن الله تعالى نص على الأبد وهو ما لا نهاية له، والتنصيص عليه ينافي القبول في وقت ما م: (ولأنه) ش: يعني ولأن رد الشهادة م: (من تمام الحد لكونه) ش: أي لكون تمام الحد م: (مانعاً) ش: أي عن القذف، لكونه زاجراً إلا أنه لم يؤلم عليه كالحد يؤلم بدونه.

ولأن المقصود من الحد دفع العار عن المقذوف، وذلك في إهدار قبول القاذف أظهر؛ لأنه القذف أذى قلبه، فجزاؤه أن لا تقبل شهادته؛ لأنه فعل لسانه وفاقاً لجريمته، فيكون من تمام الحد م: (فيبقى) ش: أي الرد م: (بعد التوبة كأصله) ش: أي كأصل الحد اعتباراً له بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>