للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنقرره من بعد إن شاء الله تعالى.

ولا يصح الرجوع إلا بحضرة الحاكم؛ لأنه فسخ للشهادة، فيختص بما تختص به الشهادة من المجلس، وهو مجلس القاضي أي قاض كان، ولأن الرجوع توبة، والتوبة على حسب الجناية، فالسر بالسر، والإعلان بالإعلان.

ــ

[البناية]

تقريره من بعد بقوله م: (وسنقرره من بعد إن شاء الله تعالى) ش: وفي " المغني " كان أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أولا يقول فيما رجع بعد القضاء: ينظر إلى حال الراجع، إن كان حاله عند الرجوع أفضل من حاله وقت الشهادة في العدالة، صح رجوعه في حق نفسه وفي حق غيره، حتى وجب عليه التعزير، وينقض القضاء ويرد المال على المشهود عليه، وإن كان حاله عند الرجوع مثل حاله عند الشهادة في العدالة ودونه يجب عليه التعزير.

ولا ينقض القضاء ولا يجب الضمان عليه، وهو قول أستاذه حماد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ثم رجع عن هذا وقال: لا يصح رجوعه في حق غيره، وعلى كل حال لا ينقض القضاء، ولا يرد المشهود به على المشهود عليه، وهو قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - والأئمة الثلاثة، وذكر شمس الأئمة السرخسي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في شرح " أدب القاضي " للخصاف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وروي عن إبراهيم النخعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه كان حال المشهود، فذكر مثل ما ذكرناه الآن....

.. إلى آخره.

[[كيفية الرجوع عن الشهادة]]

م: قال: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ولا يصح الرجوع إلا بحضرة الحاكم) ش: سواء كان هو الحاكم الأول أو غيره.

م: (لأنه) ش: أي لأن الرجوع عن الشهادة م: (فسخ للشهادة فيختص بما تختص به الشهادة من المجلس، وهو مجلس القاضي أي قاض كان) ش: وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وهذا الدليل لا يتم إلا إذا ثبت أن فسخ الشهادة يختص بما تختص به الشهادة وهو ممنوع، فإن الرجوع إقرار بضمان مال المشهود عليه على نفسه بسبب الإتلاف بالشهادة الكاذبة، والإقرار بذلك لا يختص بمجلس الحكم.

والجواب: أن الاستحقاق لا يرتفع ما دامت الحجة باقية، فلا بد من رفعها، والرجوع في غير مجلس الحكم ليس برفع للحجة؛ لأن الشهادة في غير مجلسه ليست بحجة، والإقرار بالضمان مرتب على ارتفاعها أو تثبت في ضمنه فكان من توابعه.

م: (ولأن الرجوع توبة) ش: أي لأن الرجوع عن الشهادة توبة عن جناية الكذب، م: (والتوبة على حسب الجناية، فالسر بالسر، والإعلان بالإعلان) ش: فالشهادة كانت بالإعلان، والرجوع أيضا كذلك، وهذا للفظ جاء في حديث معاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثه إلى اليمن فقال معاذ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أوصني يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " عليك بتقوى الله تعالى ما استطعت،

<<  <  ج: ص:  >  >>