للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه خلاف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

قال: ولا تقبل بينة صاحب اليد في الملك المطلق

ــ

[البناية]

ويقال: جعل البينة حجة جنس المدعين، واليمين حجة جنس المنكرين، فتكون جميع الأيمان على المنكرين فمن رد اليمين على المدعي لم يجعل جميعها على المنكرين، فيكون ذلك نسخًا للحديث المشهور، ولأنه عمل به الأئمة، وأنه لا يجوز بخبر الواحد ولا بالقياس، م: (وفيه خلاف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: قد ذكرنا رد حجته ومن معه في مسألة القضاء بشاهد ويمين.

روي عن جماعة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بيمين وشاهد» والجواب عنه من وجهين، أحدهما: أنه معلول بالانقطاع لأن فيه عمرو بن دينار عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقال الترمذي في "علله الكبير": إن هذا الحديث قاله عمرو بن دينار ولم يسمعه من ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وقال ابن القطان في كتابه: والحديث وإن كان مسلمًا أخرجه عن قيس بن سعد وعمرو بن دينار، عن ابن عباس، ولكنه يروى بالانقطاع، وقال الطحاوي: وقيس بن سعد لا نعلمه إلا بحديث عمرو بن دينار.

الوجه الثاني: أن هذا على صحته لا يفيد العموم. قال الإمام فخر الدين - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قول الصحابي: نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن كذا، وقضى بكذا لا يفيد العموم، لأن الحجة في المحكي عنه لا في الحكاية، والمحكي قد يكون خاصًا وأيضًا فالقضاء له.. قد وجد البياض في السختين....، أقر بها إلا في هذا الموضع فعل الخصومات، وهذا مما يتعين به الخصومات، إذ لا يأتى فيه الحكم يعمل من شاهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قيام الساعة، بل إنما يقتضي شاهد خاص.

فإن قلت: روى سهل بن أبي حثمة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في القسامة «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للأنصار: "تبرئكم يهود بخمسين يمينًا" فقالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أتحلفون وتستحقون» .

فهذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل الأيمان على المدعين بعد أن جعلها على المدعى عليهم فعلم أن رد اليمين جائز، والجواب: أنه لا دليل فيه لخصم، لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قال ذلك على سبيل الإنكار عليهم، بدليل أن اليمين عند المخالف لا ترد على المدعي إلا بعد أن يمتنع المدعى عليه، واليهود لم يمتنعوا من اليمين، وإنما قالت الأنصار: لا نرضى بأيمانهم، فدل على أن الكلام خرج على وجه الإنكار.

[[بينة صاحب اليد في الملك المطلق]]

م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ولا تقبل بينة صاحب اليد في الملك المطلق)

<<  <  ج: ص:  >  >>