للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة عقد يرد على المنافع بعوض؛ لأن الإجارة في اللغة بيع المنافع والقياس يأبى جوازه؛ لأن المعقود عليه المنفعة وهي معدومة، وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح

ــ

[البناية]

يأتي على مفاعل.

قال صاحب " العناية " - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تقول أجرته الدار أي أكريتها، والعامة تقول واجرتها والقائل يقول كما يجوز قلب أحد الواوين همزة إذا اجتمعتا في أول الكلمة التحقيق كما في أواقي فإن أصله وواقي جمع واقته فكذلك يجوز قلب إحدى الهمزتين واوا إذا اجتمعتا في أول الكلمة للتخفيف على أن الثقالة في اجتماع الهمزتين أكثر من الثقالة في اجتماع الواوين. وأما القبح الذي ذكروا فيه فهو أن العامة استعملوه في مواضع السبب والتعبير، ولهذا ذكر في باب التعزير من جملة ألفاظ التعزير وفسروه بأنه هو الذي يؤجر أهله للزنا، ثم هل تجيب هذه للغة تعزير، فإن كان المسبوب شريفًا أو فقيهًا يعزر وإن كان غيرها لا.

[[تعريف الإجارة]]

م: (الإجارة عقد يرد على المنافع بعوض) ش: هذا تفسير الإجارة بالمعنى الشرعي، وإنما قدمه على المعنى اللغوي لأن اللغوي هو الشرعي بلا مخالفة، وهو في بيان شرعيتها. فالشرعي أولى بالتقديم. وقال الأترازي: وينبغي أن يقال عقد على منفعة معلومة بعوض معلوم إلى مدة معلومة حتى يخرج النكاح؛ لأن التوقيت يعطله، أو يقال عقد على منفعة معلومة لا لاستباحة البضع بعوض معلوم.

قلت: زيادة لفظة الاستباحة تتعين في تفسير النكاح لا في تفسير الإجارة م: (لأن الإجارة في اللغة بيع المنافع) ش: قيل فيه نظر؛ لأن الإجارة اسم للأجرة وهي ما أعطت من كرى الأجير كما صرح به الشراح.

قلت: قد بينت لك عن قريب أن الإجارة تجوز أن تكون مصدرًا فيستقيم الكلام م: (والقياس يأبى جوازه) ش: أي جواز عقد الإجارة م: (لأن المعقود عليه المنفعة وهي معدومة) ش: حالة العقد.

م: (وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح) ش: لأن المعاوضات لا تحتمل الإضافة كالبيع، قيل في كون القياس يأتي جوازه نظر، ولم يذكر على ذلك دليلًا إلا أن إضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح، وهذا الذي جعله دليلًا يحتاج إلى دليل، وما سيوجد نوعان منافع وأحيان، وقياس أحدهما على الآخر فاسد لوجود الفارق بينهما، فإن المعنى الجامع بينهما وهو كون كل منهما يعارضه المعنى الفارق وهو أقوى منه، وهو أن هذا معدوم يمكن تأخير بيعه إلى زمن وجوده بخلاف المعدوم الآخر.

وقد أجرى الله العادة بحدوث هذه المنافع، فصارت متحققة الوجود، فإلحاق المعدوم المتحقق الوجود بالموجود أظهر من إلحاقه بالمعدوم المظنون الوجود أو ما لوجوده غاية يمكن تأخير

<<  <  ج: ص:  >  >>