للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا فسدت عنده فإن سقى الأرض وكربها ولم يخرج شيء فله أجر مثله، لأنه في معنى إجارة فاسدة، وهذا إذا كان البذر من قبل صاحب الأرض، وإن كان البذر من قبله

ــ

[البناية]

الكري أيضا، لأن قضية واحدة رويت بألفاظ مختلفة فيجب تفسيره بما يوافق الآخر.

ولأنه لو صح خبره، وامتنع تأويله وتعذر الجمع لوجب حمله على أنه منسوخ، وحديث خيبر منسوخ القول نسخه لأنه عمل به الخلفاء الراشدون - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا نسخ بعده.

وأما حديث جابر في النهي عن المخابرة يجب حمله على أحد الوجوه التي حمل عليها خبر رافع. فإنه روى حديث خيبر عنه فيجب الجمع بين حديثه، ثم لو حمل على المزارعة لكان منسوخا بقصة خيبر. وكذا القول في حديث زيد بن ثابت. ولو قال أصحاب الشافعي: يحمل أحاديثكم على الأرض التي بين النخل، وأحاديث النبي على الأرض البيضاء جمعا بينهما.

قلنا: هذا بعيد لأن خراج خيبر أربعون ألف وسق فينبغي أن تكون بلدة كبيرة، والرواة رووا القصة على العموم من غير تفصيل، ولأن ما ذكره يفضي إلى تقييد كل واحد من الحديثين، وما ذكرناه حمل لأحدهما.

قلت: ما ذكره غير مسلم لما ذكرنا أن حديث خيبر لا يدل على جواز عقد المزارعة، وذلك بطريق الجزية، أو خراج المقاسمة، وقوله: إن حديث رافع مضطرب غير قوي، لأن الحديث بالاضطراب في ألفاظه يقول مرة كذا، ومرة كذا لا يرد. وما قال من النسخ غير صحيح، لأن النسخ نقيض المعارضة. وحديث خيبر لا يدل على المزارعة، فكيف التعارض.

وقوله: خارج عن محل الخلاف غير صحيح، لأن الخلاف في النهي لا في الكري شيء معلوم. وفي الجملة: جواب كلامه أن حديث خيبر لا يدل على جواز المزارعة لما ذكرنا، وإنما أوله أصحاب الشافعي على تقدير التسليم لما أن النهي جاء في المزارعة بلفظها صريحا.

[[فساد المزارعة]]

م: (وإذا فسدت عنده) ش: أي إذا فسد عقد المزارعة عند أبي حنيفة م: (فإن سقى الأرض وكربها) ش: هذا بيان حكم الفساد فكذلك ذكره بالفاء، يقال: كرب الأرض إذا قلبها للحرث والمصدر كرب بالكسر م: (ولم يخرج شيء فله أجر مثله؛ لأنه في معنى إجارة فاسدة) ش: أي لأنه عقد المزارعة، وفي " شرح الطحاوي ": فلما لم يخرج عنده كان الخراج كله لصاحب البذر، فإن كان البذر من قبل رب الأرض فالخارج كله له، ويطيب له، ويتصدق به؛ لأن ذلك كله إنما ملك، ويجب عليه أجر مثل تلك المزارع، أشار إليه بقوله: م: (وهذا) ش: أي الحكم المذكور.

م: (إذا كان البذر من قبل صاحب الأرض وإن كان البذر من قبله) ش: أي من قبل المزارع م:

<<  <  ج: ص:  >  >>