للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا المغرب وأخروا العشاء» .

ــ

[البناية]

النقيضين مستلزم لوجود الآخر، وهنا بالتعجيل إذا انتفت الكراهة ثبت الاستحباب ضرورة.

وأجاب السغناقي: بأن الاستدلال على ثبوت المدعي بحكم الضد مستقيم فيما لا واسطة بينهما ولا يستقيم فيما فيه الواسطة وعن هذا افتراق الاستدلال في حق المغرب والعشاء، ألا ترى أنك لو قلت: هذا متحرك لأنه ليس بساكن يصح، ولو قلتك: هذا أبيض لأنه ليس بأسود لا يصح لجواز أن يكون أصفر أو غيره.

وقال الأكمل: وما ذكره في " النهاية " وغيره في جواب هذا السؤال مبنيا على أمر الضدين والنقيضين لا يتمشى.

قلت: من يقول الضدين على جواب السغناقي رد بقوله، أو النقيضين على كلام الأترازي.

[[تعجيل المغرب]]

م: (وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا المغرب وأخروا العشاء» ش: هذا الحديث له أصل ولكن بغير هذه العبارة، روى أبو داود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في " سننه " من حديث محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تزال أمتي بخير أو قال على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم» . مختصرا وتمامه عن مرثد بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قدم علينا أبو أيوب غازيا، وعقبة بن عامر يومئذ على مصر، فأخر المغرب فقام إليه أبو أيوب فقالوا له ما هذه الصلاة يا عقبة؟ قال: شغلنا، قال: أما سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول «لا تزال أمتي بخير» اهـ.

ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن ماجه عن العباس بن عبد المطلب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» . والمراد من الفطرة السنة كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عشرة من الفطرة» .

وقوله: «إلى أن تشتبك النجوم» ، فكلمة " أن " مصدرية والتقدير إلى أن اشتباك النجوم يقال اشتبك النجوم إذا ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها، وجه التمسك أن التأخير لما كان سببا لزوال الخير كان التعجيل سببا لاستجلائه وكلمة ما في المتن توقيت الفعل بمعنى المصدر إلى زمان تعجيلهم للمغرب.

وقال الأكمل: واعترض على المصنف في تأخير الحديث عن الدليل العقلي وأجيب بأنه فعل ذلك لأن الحديث فيه دلالة على تأخير العشاء، فكره الفصل بينه وبين المدلول بدليل عقلي ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>