للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل» .

ــ

[البناية]

قال: وليس بطائل.

قلت: هذا الاعتراض وجوابه للأترازي فإنه قال:

فإن قلت: قدم صاحب " الهداية " الدليل العقلي على النقلي وكان حقه أن يعكس.

قلت: وقع في خاطري الإلهام الرباني أن صاحب " الهداية " إنما أخر الحديث عن الدليل العقلي وذكره متصلا بما له تأخير العشاء، لأن الحديث فيه استحباب تأخير العشاء أيضا فكره أن يفصل بين الحديث وبين مسألة تأخير العشاء.

قلت: وقع في خاطري بالإلهام الرباني أن هذا الجواب غير طائل كما أشار إليه الأكمل، والجواب الطائل هو أنه إنما أخر الدليل العقلي لأنه دليل استحباب تعجيل المغرب ودليل أيضا للدليل اللفظي، لأنه علل كراهة التأخير لأجل التشبه باليهود؛ فإنهم يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم، كما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «عجلوا بالمغرب ولا تشبهوا باليهود» ، فأخروا عنه حتى يشمل المدلول ودليله العقلي أيضا، وكان ذكره على الطريقة المعهودة من تقديم المدلول وتأخير الدليل فافهم.

[[تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل]]

م: (قال) ش " أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل) ش " أي يستحب تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل ثلث الليل، وفي بعض نسخ القدوري إلى نصف الليل، وعن الطحاوي: التأخير إلى ثلث الليل مستحب وبه قال مالك، وأحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وأكثر أصحابه والتابعين ومن بعدهم قاله الأترازي، وإلى النصف مباح وما بعده مكروه.

وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في القديم: تقديمها أفضل، وهو لا يصح كسائر الصلوات، وفي الجديد: تأخيرها أفضل ما لم يجاز وقت الاختيار.

وحكى ابن المنذر: أن المنقول عن ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما إلى ما قبل ثلث الليل وهو مذهب إسحاق والليث أيضا، وبه قال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في كتبه الجديدة. وفي الإملاء القيم تقديمها، وقال النووي: وهو الأصح، وقطع الأترازي في " الكافي " بتفصيل التأخير، قال: وهو أقوى دليلا.

م: (لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل» ش: روي هذا عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني وعلي بن أبي طالب، وأبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين -، وروي أيضا في هذا الباب: عن ابن عباس وابن عمر وأنس وأبي هريرة وجابر بن سمرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>