للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب على المصلي أن يقدم الطهارة من الأحداث والأنجاس على ما قدمنا، قال الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] .

ــ

[البناية]

الترتيب لا تجوز صلاته. وعن مراعاة المقتدي مقام الإمام وعن عدم تذكر فائتته قبلها وهو صاحب ترتيب؛ وعن عدم محاذاة المرأة، فإن هذه الأشياء شروط ولا تتقدمها، وفي " الهداية ": هذا قيد قصدي لا اتفاقي لأن في هذا الباب ذكر الشروط المتقدمة لا المتوسطة.

فإن قلت: ما وجه المناسبة بين هذا الباب وبين ما قبله؟

قلت: لما ذكر الطهارة وهي شرط الصلاة وذكر الأوقات عقيبها لكونها أسبابا وشروطا وذكر الأذان لكونه إعلاما على الأوقات شرع في بيان بقيته.

[[الطهارة من الأحداث والأنجاس]]

م: (يجب على المصلي أن يقدم الطهارة من الأحداث والأنجاس على ما قدمنا) ش: الأحداث جمع حدث، والأنجاس جمع نجس.

فإن قلت: ما لنا إلا حدثان الأصغر والأكبر والجمع من أين جاء؟

قلت ذكر مع الأنجاس لمناسبة إياها، ويجوز أن يذكر الجمع ويراد به الاثنان وهو كثير لا ينكر، وإنما جمعه باعتبار تعدد أسبابه.

وقال الأترازي: قيل: إنما ذكر الأحداث لأنها أقوى، لأن قليلها ليس بعفو بخلاف القليل من الأنجاس، وفيه نظر عندي لأن القطرة من الخمر أو الدم أو البول إذا وقعت في البئر نجس، والجنب أو المحدث إذا أدخل يده في الإناء لا ينجس، والأولى أن يقال ليس فيه تقديم لأن الواو لمطلق الجمع.

قلت: نظره فيه نظر لأن مراد القائل من كون الأحداث لا يعفى قليلها هو ما إذا بقيت لمعة، ولو كانت يسيرة في بدن الجنب أو في أعضاء المحدث لا يعفى بخلاف القليل من الأنجاس وأن ما دون الدرهم منه عفو كما عرف في موضعه فتكون الأحداث أقوى من الأنجاس، من هذه الحيثية.

وقوله: والأولى أن يقال ليس فيه تقديم ليس بجيد لأنه يقدم في الذكر، وفائدة التقديم لا تتطلب ما ذكره فيما مضى من بيان الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وما ذكره في بيان الطهارة من النجاسة المغلظة والمخففة على الثوب والمكان.

فإن قلت: لما كان علم مما تقدم كونها شرط للصلاة فلم أعادها؟

قلت: ليكون الباب مشتملا على جملة الشروط. (قال الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] ش: (المدثر: الآية ٤) إنما ذكر هذه الآية الكريمة لأنها تدل بعبارتها على تقديم الطهارة من الأنجاس وبدلالتها على تقديمها على الأحداث.

<<  <  ج: ص:  >  >>