للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده، ويقول المؤتم: ربنا لك الحمد، ولا يقولها الإمام عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وقالا: يقولها في نفسه،

ــ

[البناية]

[قول سمع الله لمن حمده]

م: (ثم يرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده) ش: أي ثم يرفع المصلي رأسه من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده، يقال له: استمعت، وتسمعت إليه وسمعت له، وكل بمعنى أي أضيفت إليه، قال الله تعالى: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} [فصلت: ٢٦] (فصلت: الآية ٢٦) ، وقال الله تعالى: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى} [الصافات: ٨] (الصافات: الآية ٨) ، المراد منه التسميع مجاز بطريق إطلاق اسم السبب وهو الإصغاء على المسبب وهو القبول والإجابة، أي أجاب له، وقيل: يعني قبل الله حمد من حمده، يقال: سمع الأمير كلام فلان: إذا قبله، ويقال: ما سمع كلامه؛ أي رده ولم يقبله وإن سمعه حقيقة. وفي الحديث: «أعوذ بك من دعاء لا يسمع» أي لا يستجاب.

وفي " الفوائد الحميدية ": الهاء في حمده للسكتة والاستراحة لا للكناية، كذا نقل عن الثقات. وفي " المستصفى ": الهاء للكناية كما في قوله: واشكروا له.

م: (ويقول المؤتم: ربنا لك الحمد) ش: أي المقتدي يقول: ربنا لك الحمد؛ ليوافق مبدأ الركعة بالحمد لله رب العالمين، ويختمها بربنا لك الحمد، وفي " شرح الطحاوي ": اختلفت الأخبار في التحميد، في بعضها يقول: ربنا لك الحمد، وفي بعضها: اللهم ربنا لك الحمد، وفي بعضها: اللهم ربنا ولك الحمد، والأول أظهر.

وقلت: ثبت في الأحاديث الصحيحة من روايات كثيرة: ربنا لك الحمد، ولك الحمد بالواو، واللهم ربنا لك الحمد، والكل صحيح. قال في " المحيط " و " الذخيرة ": اللهم ربنا لك الحمد أفضل لزيادة الثناء. وعن الفقيه أبي جعفر أنه قال: هذه زائدة، يقول العرب يعني هذا الشراب فيقول المخاطب: نعم، وهو لك بدرهم، فالواو زائدة، وقيل: يحتمل أن تكون عاطفة على محذوف أي: ربنا حمدناك ولك الحمد.

م: (ولا يقولها الإمام عند أبي حنيفة) ش: أي لا يقول الإمام: ربنا لك الحمد عند أبي حنيفة، وبه قال مالك وأحمد وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة والشعبي، قال: وبه أقول.

م: (وقالا: يقولها في نفسه) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد: يقول الإمام: ربنا لك الحمد، سرا، وهو معنى قوله في نفسه، وبه قال الثوري والأوزاعي وأحمد في رواية، ويقتصر المأموم على ربنا لك الحمد، وقال الشافعي: يستحب له أن يقول: سمع الله لمن حمده، فإذا استوى فإنما يستحب له أن يقول: "ربنا [لك] الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، كلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، هذا في كتبهم، والذي في الحديث أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد بالواو في كلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>