للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوليد في عمل فدائي:

التفت رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى الوليد بن الوليد وسأله عن عياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام، فقال الوليد: تركتهما في ضيق وشدة وعنت، وهما في وثاق؛ رجل احدهما مع رجل صاحبه.

فأهم لك رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وقال لمن حوله: من لي بعياش وسلمة؟

قال – عليه السلام – انا لك بهما يا رسول الله.

قال – عليه السلام –: انطلق حتى تنزل بمكة على القين (١) ، فإنه قد أسلم، فتغيب عنده واطلب الوصول إلى عياش وسلمة. . .

وانطلق الوليد مستخفيا، فدخل مكة، ونزل عند القين، وأخذ يتحسس أخبار الأسيرين ليعرف موضع حبسهما. وخرج ذات ليلة فالتقى امرأة تحمل طعاماً، فقال لها: أين تريدين يا امة الله؟

قالت: اريد هذين المحبوسين.

فعرف الوليد أنها تعني صاحبيه، فانطلق خلفها وهي لا تشعر به، وما هو إلا أن رآها تدخل بيتاً فأدرك أنه المكان الذي فيه الأسيرين.

نظر الوليد إلى محبس صاحبيه فرآه لا سقف له يقيهما حر الصيف أو برد الشتاء، فأدرك مدى الشدة التي وقعا فيها والمحنة التي يعانيان منها، فقرر أن يسرع في انقاذهما حتى يخلصهما مما هم فيه من بلاء وشدة.

انقلب الوليد مسرعاً إلى حيث مخبأه في بيت القين، فقد حرص أن لا ترتاب به المرأة التي أوصلت الطعام إلى المحبوسين، وانتظر حتى تيقّن من انصرافها، ثم استبرأ الطريق المؤدي إلى محبس الأسيرين، ثم


(١) القين: الحداد، ويبدو أن حداداً كان بمكة، ليس بها حداد غيره.

<<  <   >  >>